الأخبارصدى المواطن

كيف تخدم “حماية المستهلك” البائع قبل المشتري؟

تم النشر في السبت 2018-11-24

هل اشتريت جهازًا كهربائيًا ووجدت عليه ملصقًا يشير إلى قدر استهلاكه من الكهرباء، وما إذا كان في أدنى شريحة للاستهلاك للأجهزة المماثلة أم في أعلاها أم متوسط الاستهلاك؟.. حسنًا هذا الملصق يعد أحد أشكال “حماية المستهلك” التي تشكل ركيزة أساسية لـ”تبصير” الأخير.

وأقرت الهيئة الأمريكية لحماية المستهلك 8 حقوق رئيسية للأخير، وتبعتها العديد من الهيئات حول العالم، وتشمل تلك الحقوق: الحق في الحصول على الاحتياجات الرئيسية، الحق في الأمن، والحق في الحصول على المعلومات عن المنتجات، وحق الاختيار، وحق التمثيل، وحق إصلاح المنتجات، وحق الحصول على توضيح وإرشاد ملائم للمستهلك، والحق في بيئة صحية.

القضاء

وتبدأ حماية المستهلك باللجوء إلى القضاء، وهناك العديد من قضايا الشهيرة في هذا الصدد، ولعل إحدى أكثر تلك القضايا شهرة هو أولها في الولايات المتحدة، حيث تسببت قضية ضد “كوكاكولا” عام 1944 في تغيير طبيعة قضايا حماية المستهلك بالكامل.

حيث عانت نادلة في مطعم من تضرر حركة يدها بعد انكسار زجاجة “كوكاكولا” عليها، ولم يكن هناك سبب لذلك وأكدت أن الزجاجة “انكسرت من تلقاء نفسها”، وأفادت التحريات بأن المصنع الذي قام بصنع الزجاجات لديه بعض الحالات لانكسار زجاجات بدون سبب أيضًا.

وعلى الرغم من أن الأدلة فشلت في إثبات ادعائها بشكل مباشر، إلا أن المحكمة حكمت لصالحها، وأقرت حينها مبدأ قضائيًا يضع مسؤولية إثبات جودة المنتجات على عاتق الشركات في حالة مواجهتها بأية ادعاءات، وشددت على ضرورة إخضاع منتجات الشركات لرقابة حماية المستهلك تجنبًا لملاحقتها قضائيًا.

ثم جاءت القضية ضد شركات التبغ، عام 1998، التي أدينت فيها بـ”عدم تبصير المستهلكين” بأضرار التدخين بالشكل الملائم، وتم الحكم عليها بتعويضات 206 مليارات دولار تم تخصيصها لمكافحة مرض السرطان الناتج عن التدخين، فاضطرت الشركات لكتابة عبارة “التدخين يؤدي إلى الوفاة” على منتجاتها، ووضع تحذيرات من تأثيراته السلبية على الصحة العامة.

هيئات حكومية وأخرى خاصة

وتبرز الهيئات الحكومية في مجال حماية المستهلك أيضًا بما في ذلك الهيئات التي تشرف على جودة الأغذية، وتلك التي تهتم بالرقابة على المنتجات الصناعية وغيرها، وتتسم تلك الهيئات بطابع “إلزامي” أي أن الشركات لا تستطيع تقديم منتجاتها للأسواق دون الالتزام بالمعايير المحددة من قبل الهيئات المشرفة.

أما الهيئات الخاصة، مثل تلك التي تمنح شهادات الجودة، مثل الـ”أيزو” وغيرها، فإنها تقوم بشكل مختلف من الرقابة، فهي تمنح المنتجات “درجات” من عدة نواح تخص مكوناتها.

فعلى سبيل المثال، فإن “الجمعية الوطنية لحماية المستهلك” في ألمانيا تجري اختبارات معقدة للغاية على أي منتج لتبيان صلاحيته. ولنضرب مثلًا بالثلاجة، فالجمعية تقوم باختبار المطاط الذي يستخدم في صناعة الأبواب لتبيان متى يتلف هذا الأخير (بعد فتح وغلق الثلاجة، وبعد كم سنة “يتيبس” الأخير).

كما تختبر قدرة الثلاجات على التبريد، واحتمالات تآكل المنتجات المستخدمة في صناعة المواسير التي تحوي الـ”فريون”، وصلابة المواد التي يتم تصنيع الثلاجة منها، واستهلاك الأخيرة للكهرباء، ومدى ملاءمة توزيع المساحات للمستخدمين.

وبناء على ذلك تمنح الهيئة درجات للمنتجات (1-10)، وتقدم نقدًا تفصيليًا للمنتج، يشمل كافة عيوبه ومزاياه، حتى يكون المستهلك قادرًا على الاختيار بناء على علم حقيقي بطبيعة المنتج ومواصفاته وليس فقط بناء على ما تعلنه الشركة عن نفسها.

ويلاحظ أنه في الدول الغربية كثيرًا ما تقوم الشركات نفسها بتقديم منتجاتها لهيئات الرقابة الأهلية، حتى تحصل على تقييمات الأخيرة، بما يضمن إقبال المستهلكين على شرائها بصورة أكبر لحصولها على شهادات الجودة، وليس فقط الإقرار الحكومي.

“ثوب جديد” لحماية المستهلك

ويشير موقع “بيزنس إنسايدر” إلى تفوق أوروبا في هذا المجال، فعلى الرغم من بداية فكرة حماية المستهلك بشكلها الحديث في الولايات المتحدة إلا أن الجمعيات تنشط بصورة أكبر في القارة العجوز.

ويقدر الموقع وجود فارق 7% في المبيعات تقريبًا بين الشركات التي تحصل على 8 درجات وتلك التي تحصل على 7 درجات، وتختلف النسب باختلاف الدرجات، غير أن بعض العوامل تبقى أكثر تأثيرًا وفي مقدمتها استهلاك الكهرباء في الأجهزة المنزلية على سبيل المثال.

أما عن أهمية جمعيات حماية المستهلك، فيقول خبير التسويق الأبرز “فيليب كوتلر” إن الهدف الرئيسي لأي شركة هو إقناع “المؤثرين” أو “الرواد” (pioneers) بمنتجاتها، فداخل أي مجموعة يوجد شخص أو أكثر يؤثرون على قراراتها الشرائية، ومن هنا تكمن أهمية إقناع هؤلاء تفصيليًا بجودة المنتجات بما يسهم في “التسويق المباشر” (الشخصي) للمنتجات بدون إنفاق مبالغ كبيرة على الإعلانات.

ويلاحظ هنا تطور منطق “حماية المستهلك” إلى نظام “رد الفعل المباشر” الذي أقرته شركة “أمازون”، ويمنح المستهلكين الحق في تقييم المنتج بدرجة (1-5) بل ووضع تقييمهم التفصيلي على الموقع بحيث يستفيد منها “المشترون المحتملون” لهذا المنتج، فضلًا عن المواقع المتخصصة في هذا الأمر، بل وبعض المجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويرى “كوتلر” في حماية المستهلك الضمان الأساسي لاستمرارية معدل “ثقة المستهلك” في مستوى عال، بما يدفع الأخير لمواصلة الإنفاق على المنتجات ومن ثم يبقى الاقتصاد منتعشًا، حيث إن غياب المعلومات الدقيقة يدفع المستهلك للإحجام عن الإنفاق بما قد يؤثر على الاقتصاد ككل ويدفعه للركود لاحقًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock