اقتصاد العالم

ماهي ضريبة “بيجو”؟ وهل يمكنها معالجة مشكلات العالم؟

تم النشر في الأحد 2017-09-03

تطرق الاقتصادي البريطاني “ألفريد مارشال” إلى مشكلة الأدخنة الضارة وملوثات المبيدات الزراعية واعتبرها عوامل خارجية، واشتهر أحد طلابه بجامعة “كامبريدج” وهو “أرثر بيجو” الذي ولد عام 1877 بجهوده في محاولة حلها، وكان “بيجو” ذا عقل لامع، لدرجة أنه ترأس كلية الاقتصاد وهو في الثلاثين من عمره.
زعم “بيجو” أن عوادم المدخنة في لندن تعني أنه كان هناك 12% فقط من أشعة الشمس متاحة من الناحية الفلكية، وتتسبب هذه العوادم في تكاليف باهظة على المجتمعات تظهر في شكل ملابس متسخة وخضراوات غير نظيفة، وهناك حاجة لضوء اصطناعي وضخ استثمارات في الحماية من الأدخنة، فيما حاولت “الإيكونوميست” توضيح ملامح ضريبة اقترحها الخبير الاقتصادي حملت اسمه.

العوامل الخارجية
– كان “بيجو” منفتحا على استغلال أساليب مختلفة لمعالجة ما وصف بـ”العوامل الخارجية” مثل الملوثات، مقترحا فرض قيود تنظيمية وتدشين مدن مخططة جيدا وحظر بعض الأنشطة، ولكنه رأى أن أفضل ما يمكن اتخاذه فرض ضرائب.

 

– أفاد “بيجو” بأن استغلال الضرائب من شأنه أن يستعيد كمال الأسواق ويمنع التلاعب وردع بائعي ومشتري المواد السامة كالمبيدات، مشيرًا إلى أن فرض الضريبة على الجميع سيردع المخالفين ويجعل غيرهم يدفعون تكاليف لحماية المجتمع.

 

– عرف هذا المقترح باسم “ضريبة بيجو” وهي ليست مجرد نظرية اقتصادية بل هي إجراء للمشرعين والساسة، وبعض الدول تطبقها بالفعل مثل فرنسا التي تفرض ضريبة على ضوضاء الطائرات في تسعة مطارات لديها.

 

– استغلت ضريبة “بيجو” في فرض رسوم على السائقين المتسببين في الزحام المروري والتلوث كما تعتزم بريطانيا فرض ضريبة على المشروبات السكرية وفرضت دول أخرى ضريبة على التبغ.

– تهتم ضريبة “بيجو” بالجدل حول الاحتباس الحراري وفرض ضريبة على الكربون، الأمر الذي يشجع الشركات والأفراد على خفض الانبعاثات السامة، وبالتالي تتغير سلوكيات الجميع نحو الأفضل.

 

– من ملامح فكرة “بيجو” إقرار ضريبة على الأكياس البلاستيكية في آيرلندا، وهو ما أدى إلى تقليص استخدامها، كما تراجعت حدة الزحام المروري في لندن بعد ضريبة على السائقين بسببها، وأسفرت الضريبة على التبغ عن إقلاع البعض عن التدخين.

 

– لا تتوقف فوائد ضريبة “بيجو” فقط على تعديل سلوكيات الشركات والأفراد وتحسين البيئة والمجتمع، بل إنها قد نتج عنها فوائد مالية مضاعفة وزيادة إيرادات الحكومات وتقليل العبء الضريبي عن قطاعات أخرى والمساهمة في تعزيز برامج حكومية.

 

ثغرات في مقترح “بيجو”
– رغم تبني اقتصاديين لنظرية “بيجو”، إلا أن البعض شكك في جدواها واكتشف ثغرات بها مثل عدم معالجة كل شيء في الاقتصاد مثل عدم مناقشة أثرها على التنافسية في السوق واحتمالية وجود تأثير عكسي حال تطبيقها.

 

– يرفض البعض نهج “بيجو” حيث أفاد الأستاذ بجامعة “هارفارد” “مايكل ساندل” بأن الاعتماد على الأسعار والسوق لحل مشاكل العالم يمكن أن يقود إلى “شرعنة السلوك السيئ” مثل اعتياد السائقين على الزحام المروري.

 

– كان “بيجو” غامضا في الحديث عن ضريبته المقترحة، حيث أكد على أن فرض ضرائب على الصناعات سيفيد المجتمع، ولكنه لم يحدد أيا منها.

 

– تصبح الأمور أكثر صعوبة عند الحديث عن انبعاثات الكربون، فخبراء الاقتصاد بذلوا جهودا حثيثة للربط بين درجات الحرارة والناتج المحلي الإجمالي، لكن لا تعدو كونها مجرد افتراضات.

 

– قدر البعض الخسائر الاقتصادية للبشرية من انبعاثات الكربون  بأنها تتراوح بين 30 و400 دولار لكل ميجا طن.

 

غباء سياسي

 

– ربما يكون فرض ضريبة “بيجو” بمثابة عقوبة للفقراء، فلو فرضت ضريبة على التبغ، فإن الفقراء هم من يدخنون بشراهة أكبر وأقل اهتماما بالأضرار الصحية والبيئية.

 

– عندما فرضت أستراليا ضريبة على الكربون عام 2012، تم ضخ أكثر من الأموال التي تم تحصيلها في صناديق المعاشات ودعم الأسر الفقيرة للصمود أمام تكاليف الطاقة الباهظة.

 

– أشار خبراء إلى أن فرض ضريبة كربون ربما يشجع الشركات على التحول نحو الاستيراد، الأمر الذي يضر التنافسية، وهو ما جعل فرض ضريبة منسقة حلما للاقتصاديين.

 

– يفهم مما سبق أن “بيجو” منح الاقتصاديين مشكلة وحلا، بمعنى أنه وضع نظرية، ولكنها خادعة في التطبيق لتتجه الكرة إلى ملعب الساسة وخبراء الاقتصاد في النهاية من أجل تحسين حياة البشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock