ط
أخبار الاقتصادالأخبار

دراسة: أكبر تحدي يواجه المدفوعات العابرة هو الامتثال للقوانين والتشريعات المالية

تم النشر في الثلاثاء 2017-12-19

نعيش في مرحلة تتّسم بالتغييرات الكبيرة على أصعدة كثيرة. فهناك موجة من الاستثمارات تتدفّق إلى التقنيات المالية، وعدد من المنافسين المبتكرين الذين يحقّقون تقدّماً في قطاع المدفوعات المالية بحيث أصبحوا ينافسون الخدمات المصرفية التقليدية للمصارف المراسلة. وأيضاً أصبح التحوّل نحو الدفع الفوري في الزمن الفعلي ظاهرة عالمية. وبناء على كل هذه التطورات، أصبح من غير المفاجئ أن تتزايد أيضاً التوقّعات والمتطلّبات في مجال المدفوعات العابرة للحدود. العملاء من الشركات الكبيرة والشركات العابرة للحدود والمؤسسات المالية يريدون كل المزايا – عمليات دفع فورية وسلسة تجري في الزمن الحقيقي وشفافية وقابلية التتّبع لتلك المدفوعات في كل مرحلة من المراحل.

ومع ذلك، وفي حين أن التقنيات المبتكرة تُغيّر شكل قطاع المدفوعات العالمي، فالهيئات التنظيمية هي أيضاً تطرح نظم ولوائح جديدة لمعالجة التحديات التي تنشأ عن الرقابة وعن إجراءات “إعرف عميلك” وقوانين مكافحة الاحتيال وغسيل الأموال. وهذه التحديات ينتج عنها عبء أكبر للامتثال للقوانين والتشريعات المالية، كما أنها تُحفّز على إدخال المزيد من التغييرات في نظام المدفوعات العالمية.

وفقاً لدراسة جديدة أجرتها “يوروفاينانس” و”سويفت” بعنوان “مستقبل المدفوعات: من منظور أمناء الخزينة في الشركات”، فإنه من المرجّح أن تغدو بيئة المدفوعات مختلفة اختلافاً جذرياً بحيث لا يمكن تمييزها بحلول عام 2020. جاء في التقرير أن “العولمة والرقمنة قد شجعت الشركات من مختلف الأحجام والقطاعات على الانطلاق بشركاتهم نحو العالمية باتباع الطرق التقليدية وأيضاً عن طريق التجارة الإلكترونية. وقد أصبحت أعمال موفري المدفوعات الأصليين في نظم المدفوعات الأساسية وعلى مستوى الوسطاء المصرفيين، تتعرّض للتهديد من قِبَل التقنيات المالية الجديدة ومن المنافسين الجدد من خارج القطاع المصرفي، كما أن التقنيات الجديدة مثل ’بلوك تشين‘، ستؤدي إلى اندثار الوسائل الحالية.”

والتغييرات التنظيمية الأخرى، بما في ذلك طرح PSD2 في أوروبا، تؤثّر كذلك على بيئة المدفوعات بحيث تجذب منافسين جدد إلى قطاع المدفوعات. وفي حين أن معظم هؤلاء المنافسين يستهدفون العملاء من الأفراد، إلا أن بعضهم مهتم بتحسين نموذج الخدمات المصرفية المراسلة التقليدي. ويحدّد تقرير “يوروفاينانس-سويفت” شبكات إعادة الوساطة المالية في تقديم خدمات المقاصة الإلكترونية “ACH” العالمية والتي يمكن استخدامها لأنواع معينة من المدفوعات العابرة للحدود لدى الشركات.

يتابع التقرير: “يستخدم آخرون إصدارات من تقنية ’بلوك تشين‘ من أجل توفير خدمة مشابهة على نحو سطحي لخدمات المصارف المراسلة ولكن مع أداء مُحسّن. بالإضافة إلى ذلك، توفّر العديد من المنصات الجديدة والحالية نفاذية للخدمات إلى شبكة المدفوعات العالمية بحيث تُعدّل خدماتها لتتوافق مع شركات من حجم معين أو تعمل في مجالات أو مناطق معينة.”

مع ذلك، وبالرغم من كثرة التطورات الجديدة في مجال المدفوعات، إلا أنه لا زال غير واضح كم منها سيكون مناسباً لأمناء الخزينة في الشركات. مازال على العديد منها أن تبرهن عن قابلية التدرّج والأمن اللذين تطلبهما السلطات التنظيمية العالمية وإثباتها أيضاً عن اتباع قوانين الامتثال الجديدة. والأهم من ذلك، لو كان سيحدث ثورة في الخزينة المؤسسية، فإن أي حلّ جديد يجب أن يحلّ المشاكل التي تضعها الخزينة في قمّة أولويّاتها.

فهم التحديات التي يواجهها أمناء الخزينة في الشركات

بالنسبة لأمناء الخزينة فإن الاهتمامات الأساسية تنصب في النقاط الصعبة في مجال المدفوعات بين الشركات حيث أن متطلباتهم هذه للحصول على حلول هي التي ستحفّز على إجراء تغييرات جذرية في مجال المدفوعات العابرة للحدود. والنموذج التقليدي الذي تتبعه المصارف المراسلة للمدفوعات العابرة للحدود موجود منذ عقود طويلة. وعلى عكس المدفوعات المحلية، فإن المدفوعات العابرة للحدود بطيئة وقد يستغرق إتمامها أياماً عديدة. والأكثر من ذلك، ليس هناك شفافية في التكاليف والوقت (موعد استلام الدفعة) ولا تأكيد بالوصول إلى حساب المستفيد.

بحسب تقرير “يوروفاينانس-سويفت”، فإن أمناء الخزينة في الشركات أكّدوا أن اهتماماتهم/متطلّباتهم الأساسية هي في المجالات التالية:

  • تأكيد وصول المدفوعات إلى حسابات الجهات المستفيدة والتوقيت: المدفوعات التي تتمّ في نفس اليوم أو المدفوعات الأسرع أمر هام وكذلك تأكيد وصول المدفوعات إلى حسابات المستفيدين،
  • قابلية تتبّع المدفوعات: تريد الشركات القدرة على تتبّع مسار المدفوعات ووضع المدفوعات العابرة للحدود.
  • المعالجة المباشرة STP والتكامل: أي أداة لتتبّع المدفوعات أو خدمة gpi متّصلة بذلك يجب توفيرها كعنصر أساسي في نظام الخزينة ونظام المدفوعات الحالي لدى الشركات.
  • الجودة واكتمال بيانات التحويل: هناك حاجة للتحسين من أجل تسهيل التسوية المؤتمتة للمدفوعات مع الفواتير.
  • شفافية الرسوم، بما في ذلك تكاليف تحويل العملات: غالباً لا يمكن التكهن بالرسوم المفروضة من قِبل المصارف المراسلة، مما قد يؤدي إلى صعوبات في التسوية فضلاً عن طلبات بدفعات إضافية من الجهات المستفيدة عندما لا يحصلون على كامل المبالغ المطلوبة. وهذه المشكلة تزداد تعقيداً بسبب تحويل العملات.
  • المدفوعات المرفوضة والتحقيقات: لا يتوفّر لأمناء الخزينة أو المدراء الماليين وضوح كبير عندما يتمّ رفض دفعة ما أو سبب رفضها كما أن إجراءات التحقيق قد تستغرق وقتاً طويلاً.

كل هذه الاهتمامات تتعارض بشكل مباشر مع حاجة أمناء الخزينة لأتمتة العمليات ومنع الاحتيال وتعزيز الوضوح في مجال الأموال والرسوم ولتحسين إدارة السيولة وهي تنشأ بالدرجة الأولى عن هيكلية نظام المصارف المراسلة. وكما يبرز تقرير “يوروفاينانس-سويفت” “هذا يُحوّل دفعة بسيطة بين طرفين إلى لعبة لتمرير الأموال بين ستة أطراف: دافع المال، المصرف الذي يتعامل معه دافع المال، المصرف المراسل لمصرف دافع المال، المصرف المراسل لمصرف المستفيد من الدفعة، مصرف المستفيد من الدفعة، المستفيد من الدفعة. وهذه الجهات نفسها لا تتصرّف على نحو متّسق دائماً: فبعضها لديه معالجة سريعة STP والبعض الآخر ليس لديه معالجة سريعة؛ البعض يستغرق وقتاً أطول لإصدار الأموال كما أن الرسوم المفروضة طوال هذه العملية تختلف من مصرف لآخر ومن بلد لآخر وكذلك هناك اختلاف في أسعار تحويل العملات.”

إن إضافة عقوبات إعرف عميلك/منع غسيل الأموال KYC/AML ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC والبيئة التنظيمية العالمية المتباينة قد عرقلت محركاً كان أصلاً يعاني من عدم الفعالية وعدم الكفاءة.

مواجهة التحدي

في ظل هذه البيئة السريعة التغيير ومع وجود مجموعة من المتطلّبات الواضحة لتطوير تجربة محسّنة بدرجة كبيرة في مجال المدفوعات العابرة للحدود، يلتزم القطاع المصرفي بتلبية متطلبات عملائه في القطاع المؤسسي. وعلى سبيل المثال، انضم العديد من المصارف في منطقة الشرق الأوسط. إلى خدمة “سويفت” للابتكار في المدفوعات العالمية global payments innovation (gpi) لكي تُحسّن تجربة عملائها في مجال المدفوعات العابرة للحدود من خلال زيادة سرعة وسلاسة وشفافية وقابلية تتبّع المدفوعات العابرة للحدود من بداية المعاملة إلى نهايتها أي من الطرف إلى الطرف. ولدى “سويفت” حالياً 11 مصرفاً انضمّوا إلى هذه الخدمة من المنطقة، بما في ذلك بنك المشرق من دولة الإمارات العربية المتحدة والبنك الأهلي التجاري من المملكة العربية السعودية والبنك الأهلي الكويتي من الكويت. وتنضمّ هذه المصارف إلى أكثر من 120 مصرفاً رائداً من حول العالم لتقدّم خدمة مدفوعات أكثر شفافية وسرعة إلى عملائها.

وبدورهم، غالباً ما يكون لدى أمناء الخزينة في الشركات علاقات طويلة وراسخة ومخلصة مع المصارف التي يتعاملون معها وليس من المرجّح أن يغيّروا تلك المصارف فقط بغرض توفير بضعة يوروهات من الرسوم المصرفية وبدون وجود ضمانات بتوافر كل العناصر الأخرى التي تأتي مع مجموعة الخدمات المصرفية: الأمن والموثوقية والمرونة وعناصر أخرى كثيرة. وهناك أيضاً أسئلة هامة عن مدى ملاءمة “بلوك تشين” كأساس لنظام المدفوعات العالمية.

من المرجح أن أمناء الخزينة سيرفضون الاستثمار بشكل كبير في تبنّي نظم جديدة لا تقدّم سوى تحسينات بسيطة مقارنة بالنظم الحالية.

يقول تقرير “يوروفاينانس-سويفت” بأن أمناء الخزينة محقّون في إتباع منهج الانتظار والترقّب. “معظم مبادرات التقنيات المالية مصمّمة للتربح من الهوامش المتاحة في المدفوعات بين الأفراد وبين الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم ومن مساعدة الشركات الأصغر على الاستفادة من بعض مزايا الرقمنة. وهي لا توجد حلولاً لمشاكل المدفوعات العابرة للحدود التي تواجهها الشركات الكبيرة، بما فيه الكفاية بحيث يكون لديها خزينة مؤسسية.”

وبناء على ذلك، يتابع التقرير، أنّ الحلّ الواضح هو إعادة هندسة النظم الحالية. ولأن معظم المشكلات في مجال المدفوعات العابرة للحدود تنشأ عن سلوكيات وإجراءات باستطاعة المصارف أن تغيّرها، عوضاً عن تغيير التكنولوجيا، فإن تغيير هذه الإجراءات هو الخطوة الأولى.

يدرك أمناء الخزينة كذلك أنه مع بداية طرح الابتكارات، القليل من الأفكار هي التي تستمرّ في السوق كما يعلمون أن المؤسسات المصرفية الحالية التي يعتمدون عليها لديها حافز كبير فضلاً عن الأموال الكثيرة المطلوبة لتجديد نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock