أخبار الاقتصاد

تقرير : يدعو دول الخليج لمواكبة الجهود المبذولة لزيادة الإيرادات الحكومية

تم النشر في الأربعاء 2016-11-23

كشف تقرير جديد نشره معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW، بأن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة لزيادة إيراداتها الحكومية غير النفطية بصورة مستدامة. ويقول المعهد المتخصص في مهنة المحاسبة والتمويل إنه في ظل الآفاق الضعيفة لأسعار النفط – مدفوعة بشكل رئيسي بالوضع المجهول للاقتصاد العالمي في 2017 مع انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وأيضاً التباطؤ الاقتصادي في الصين – من شأن اتخاذ تدابير ضريبية، إلى جانب إجراء إصلاحات في سياسات الدعم، وتقليص النفقات وتجميد حركة التوظيف في القطاع العام، أن يساعد على سد الفجوة المالية.

أجاء ذلك اثناء جلسة نقاشية مشتركة نظّمها معهد المحاسبين القانونيين ICAEW بالتعاون مع الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين (SOCPA) في الرياض مساء الأمس، تم إصدار تقرير رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط للربع الأخير 2016، والذي تم إعداده من قبل “أكسفورد إيكونوميكس” – شريك معهد المحاسبين القانونيين ICAEW والمتخصّص في التوقعات الاقتصادية. ويُحذّر التقرير بأن أسعار النفط لن تعود إلى معدلاتها القريبة من 100 دولار أميركي للبرميل كما كانت عليه في الفترة ما بين 2010 و 2014. ومن المتوقع لسعر خام برنت أن يبلغ نحو 50.3 دولار أميركي للبرميل في 2017، وأن يظل تحت 60 دولار أميركي للبرميل لغاية 2019. وبينما يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تُغطي النقص في الإيرادات على المدى القصير بالاقتراض، وأيضاً من خلال السحب من صناديق الثروات السيادية واحتياطات النقد الأجنبي، فإنها لن تتمكن من القيام بذلك على المدى البعيد دون زيادة الضرائب.

إن أسعار نقطة التعادل المتوقعة للعام 2016 – والتي يجب بيع النفط وفقها من أجل تحقيق التوزان في الموازنة العامة – تضع قطر ودولة الإمارات في أفضل موقف مع أسعار تبلغ 44 و 57 دولار أميركي للبرميل على التوالي، تليهما الكويت بسعر 60 دولار أميركي، والمملكة العربية السعودية بسعر 77 دولار أميركي. وتواجه سلطنة عُمان والبحرين أكبر الضغوطات مع أسعارهما لنقطة التعادل عند 104 و 97دولار أميركي للبرميل على التوالي.

وقال توم روجرز، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW، ومدير قسم استشارات الاقتصاد الكلي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس”: “هناك حاجة واضحة لزيادة مستوى الإيرادات الحكومية غير النفطية من أجل الحفاظ على الاستقرار المالي. لكن قلة فقط من السياسات الضريبية تعتبر خالية من العواقب الاقتصادية واسعة النطاق، لذلك سيكون من المهم للحكومات أن تتأكد من أن سياساتها الضريبية هي جزء من الاستراتيجيات الشاملة للتنويع الاقتصادي، مثلما اشتملت عليه استراتيجية المملكة العربية السعودية، رؤية 2030“.

ومن المقرر فعلاً تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2018، وتفترض تقديرات صندوق النقد الدولي بأن هذه الضريبة يمكنها أن تجمع ما يصل إلى 1.52% من إجمالي الناتج المحلي في كافة أرجاء المنطقة. وبينما تشكّل هذه الخطوة بداية لمعالجة العجز المالي، فإنها تساهم أيضاً في زيادة نفقات الحياة، حيث يمكنها في المقابل رفع الطلب على الأجور، وبالتالي تقويض تنافسية الشركات. وتشمل التدابير الضريبية الأخرى فرض ضرائب على الشركات أو الأرباح، أو ضريبة على الدخل الشخصي والتي تعتبر عادة المساهم الرئيسي في الإيرادات الحكومية ضمن الاقتصادات ذات الدخل المرتفع. ولكن، نظراً لأن أنظمة الضمان الاجتماعي تُعامل المواطنين وغير المواطنين بصورة مختلفة، يبدو من غير المرجح على المدى القصير تطبيق ضريبة كهذه على فئة واحدة. ويبيّن التقرير أن تصاعد الطلب على الأجور للعمالة غير المواطنة كنتيجة لضريبة الدخل الشخصي قد يكون متسقاً مع أهداف الحكومة لتوطين القوى العاملة، وربما يكون أفضل لأنظمة الحصص التي تجبر الشركات على توظيف المواطنين بغض النظر عن توافر موظفين مناسبين.

من جانبه، قال مايكل آرمسترونغ، المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا: “تحتاج الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي إلى التأهب لمواكبة الجهود طويلة الأمد التي تبذلها الحكومات من أجل سد العجز المالي، ورفع الإيرادات الضخمة بمعدلات كبيرة للغاية من الاقتصاد غير النفطي. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها أن تتوقع تنفيذ سياسات شعبوية وتعويضية أخرى مثل التوجه لزيادة النسبة الوطنية في القوى العاملة، وتحديداً في القطاع الخاص”.

ويضيف: “لضمان أن تعديلات الموازنة المالية العامة تنسجم مع عجلة النمو المتواصل، ينبغي على الشركات أن تتعامل مع التدابير المطبقة ذات الصلة والتي ستسمح بزيادة الضرائب، واستيعابها بأقل تأثير ممكن على منظومة أعمالها ونشاطاتها. وقد تشمل التدابير التعويضية إصلاحات في نظام الرعاية الاجتماعية لتحفيز المزيد من المواطنين على التنافس مع المغتربين على الوظائف، وإتاحة مرونة أكبر للتفاوض بخصوص الأجور، والاقتطاعات من ضرائب الأرباح لحماية الإنفاق الاستثماري”.

ويمثّل الضغط على أسعار النفط أيضاً مصدر قلق بالنسبة إلى الشركات، وذلك من منظور استقرار أسعار الصرف. وباستثناء الكويت التي تدير سعراً للصرف مقابل سلة من العملات الأخرى، تعتمد كل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي أنظمة لأسعار الصرف ترتبط من خلالها قيمة عملاتها المحلية بالدولار الأميركي. وقد شهدت هذه الدول تدهوراً حاداً في حساباتها الجارية خلال العامين 2015 و 2016، مما دفع المصارف المركزية للسحب من احتياطات النقد الأجنبي لتلبية الطلب على العملات الأجنبية. وبينما يبدو تراجع أسعار الصرف في دول مجلس التعاون الخليجي بمثابة جزء ضروري لأي خطة بعيدة المدى للتنويع الاقتصادي، فإن أي انخفاض في قيمة عملاتها سيكون له تأثير قصير إلى متوسط الأجل على تكاليف الشركات، وأسعار الإنتاج، وفي نهاية المطاف على القوة الشرائية للعائلات.

ووفقاً للتقرير، من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي في دول GCC+5 (مصر، وإيران، والعراق، والأردن ولبنان) بنسبة 2.6% في2016، مع تحسّن متواضع جداً إلى 2.7% في 2017 بسبب أسعار النفط المنخفضة، والبرامج ذات الصلة بضبط الأوضاع المالية العامة.

ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي في المملكة العربية السعودية بنسبة 1.2% في 2016، وبمعدل مماثل في 2017، بسبب التهاون بتحفّظ في إنتاج النفط خلال العام المقبل. وكان الإصدار الأول للسندات في المملكة بحوالي 17.5 مليار دولار أميركي خلال شهر أكتوبر، بمثابة أضخم إصدار للسندات في الأسواق الناشئة عبر التاريخ؛ إذ يؤكد الطلب المرتفع آنذاك على مدى قدرة المملكة على الحصول على ائتمان زهيد (فالسندات قد شملت معدل فائدة قدره 3.25% في المتوسط). ومن شأن ذلك أن يُخفف من بعض ضغوطات التشقف، مع السماح للنمو غير النفطي بالتعافي من -0.2% هذه السنة إلى 1.5% في 2017، وأيضاً دعم الاستثمارات سعياً لتحقيق أجندة “رؤية 2030“.

·         

·

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock