أخبار الاقتصادالأخبار

الصناديق تأخذ وضعاً تحوّطياً مع خروج النفط من نطاقه الحالي

تم النشر في الأحد 2017-03-12

انضم النفط الخام إلى القائمة المتنامية من السلع المتضررة هذا الأسبوع فيما تتواصل تقلبات السوق قبيل انعقاد اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع القادم، حيث تشير الكثير من التوقعات إلى أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ستعمد إلى منح الأموال الفيدرالية تصنيفاً أعلى بـ25 نقطة أساس في اجتماعها يوم 15 مارس. وقد تسببت هذه التوقعات- جنباً إلى جنب مع البيانات الإيجابية للدولار الأمريكي- بارتفاع في قيمة الدولار مقابل الكثير من العملات، وأبرزها عملات الأسواق الناشئة. وفي هذه الأثناء ما زالت أرباح السندات الأمريكية تتجه صعوداً مع وصول السندات الحكومية بأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوياتها منذ 15 ديسمبر.

وشهد مؤشر ’بلومبيرغ‘ للسلع (والذي يعكس أداء أهم السلع ضمن فئات الطاقة، والمعادن، والزراعة) هبوطاً إلى قاع عن 3 أشهر ونصف. وكما هو واضح في الجدول أدناه، فقد كانت هذه الخسائر واسعة النطاق وشملت مختلف القطاعات. وبالمقابل، فقد أبدت التحديثات الأسبوعية حول مواقع المضاربة زخماً كبيراً في السلع كنتيجة لتراكم الرهانات الإيجابية العام الماضي.

وقد اكتسب هذا التوجه مزيداً من التسارع بعد الانتخابات الأمريكية واتفاقية خفض إنتاج النفط التي تم توقيعها في نوفمبر الماضي.

رهانات السلع الإيجابية للصناديق وصلت إلى مستويات قياسية الشهر الماضي بما لا يقتصر على النفط، وذلك بالرغم من الافتقار إلى أسعار أقوى لدعمها.

BCOM and Spec positions

 

ولم يؤدّ التداول الجانبي ضمن مؤشر ’بلومبيرغ‘  لمدّة سنة تقريباً إلى الحدّ من مراهنات المضاربات هذه، ولاسيما في النفط والذهب والفضة والنحاس والصويا والسكّر. غير أنّ هذه السلع بالذات تبقى معرّضة لتصفية طويلة الأمد في ظل سعي الصناديق للتأقلم مع المخاطر ضمن سيناريو أقل إيجابية، خاصة وأن بعض الدوافع الكامنة وراء النشاط الشرائي أخذت تبدي علامات تلاشٍ.

وإلى جانب التركيز على الولايات المتحدّة ورفع الفائدة (الذي تم تحديد قيمة خطوته التالية)، فقد تسببت الأخبار بصعوبات في قطاع السلع ككل خلال الآونة الأخيرة، إذ خرج سعر النفط أخيراً من مأزقه الذي استمر لمدة 3 أشهر، وشهد حركة بيع بقصد التصفية بعد تراكم المخزونات الأمريكية بشكل كبير. وقد شهد النحاس حركة بيع أيضاً في استجابة للارتفاع الذي سجلته مخزونات بورصة لندن للمعادن، في حين كانت استجابة الصويا والذرة سلبية للأنباء حول المحصول الوفير في البرازيل.

One week performances

شهدت الذرة، والصويا بشكل خاص (وهي خيار مفضل لدى صناديق التحوّط الساعية إلى انكشاف إيجابي في القطاع الزراعي)، هبوطاً إلى قاع عن شهرين بعد صدور تقرير تقديرات العرض والطلب الزراعي العالمي (WASDE) عن وزارة الزراعة الأمريكية، والذي انطوى على تقديرات فاقت التوقعات بخصوص الإنتاج البرازيلي للمحصولين خلال 2016-2017، وهو ما أثّر سلباً على الأسعار، حيث أقدمت وزارة الزراعة الأمريكية على تخفيض توقعاتها بخصوص صادرات الصويا الأمريكية، الأمر الذي أدى بالتالي إلى حركة البيع.

أمّا القمح فقد سجّل أداءً أفضل مع ارتفاع المعروض وارتفاع التوقعات بنشوء طلب قوي على هذا المعروض، غير أنّ هبوطه يعزى بشكل رئيسي للخسائر في الذرة والصويا.

وعلى صعيد المعادن الثمينة، فقد عاشت هذه المعادن – وفي مقدمتها الفضة- أسبوعاً مخيفاً مع استمرار تراجع المنظور التقني، إذ تم كسر العديد من مستويات الدعم الهامّة كنتيجة لمخاوف السوق من قرار رفع الفائدة الأمريكية، علماً أن قفزة أرباح السندات كانت العامل الأبرز في إزالة هذا الدعم رغم الارتفاع الذي سجلّه الدولار.

والآن يتوقف احتمال تكرار الآمر بشكل كبير على المسار المتواصل للأسهم والسندات والدولار، حيث تمثّل أرباح السندات بأجل 10 سنوات تحدياً أمام قمة 15 ديسمبر عند 2.61%، وسيكون من شأن خرق هذا المستوى أن يفضي إلى حركة صاعدة نحو 3%. ومع استقرار التضخّم عند معدلات قريبة من 2%، فإن حركة كهذه قد تؤدّي إلى زخم صاعد جديد في الأرباح الحقيقية، ما سيشكّل بالتالي قوة معاكسة إضافية في وجه المعادن المدرة للفائدة وغير المدرة لها على حد سواء.

وبينما هبط الذهب بتاريخ 27 فبراير بعد فشله في كسر الحد الأعلى (1262 دولار للأونصة) للنطاق الذي تحرّك ضمنه على مدى 200 يوم، والذي كانت أسهم المعادن قد أبدت ضعفاً ضمنه لمدة 3 أسابيع قبل ذلك، فإن مؤشر ’فان إيك فيكتورز جولد ماينرز إي إف تي‘ (GDX:arcx) – الذي يتعقّب أسهم المعادن حول العالم- وصل إلى قمة في 8 فبراير رغم التأثيرات المعاكسة الناجمة عن استمرار صعود الذهب.

ويؤكّد هذا الأمر على أهمية أخذ كافة الجوانب بعين الاعتبار عندما يتعلّق الأمر بتحديد وجهة السوق.

GDX and gold

 

وكان الذهب قد أبدى ردة فعل سلبية في الفترة التي سبقت قيام اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة برفع الأسعار المرتين السابقتين، غير أنه سرعان ما عاد للصعود بعد إعلان اللجنة عن رفع المعدلات؛ حيث كان قد هبط بنسبة 5% قبل الرفع (علماً  بأن انتخاب ترامب رئيساً كان له أثره بالتأكيد)، ليصعد بنسبة 3.4% بعده، وهو ما يشبه حركته في ديسمبر 2015، حيث هبط بنسبة 2% خلال الشهر الذي سبق رفع الفائدة، ولكنّه ما لبث أن ارتفاع بمقدار 2.6% خلال الشهر التالي.  

وفي هذا السياق نشير إلى حركة التصفية -التي شهدتها فترة من يوليو إلى ديسمبر العام الماضي- لم تتوقف إلى أن شهد الذهب تصحيحاً بنسبة 76.4% من الارتفاع السابق. أمّا الضعف الحالي الذي يبديه المعدن الأصفر، فقد أدّى إلى تراجعه عمّا يقارب نصف الارتفاع الذي سجله بين ديسمبر إلى فبراير. ونظراً للتركيز الحالي على ارتفاع الأرباح، فقد نشهد تصحيحاً أعمق عند 1176 دولار للأونصة (قاع تصحيح يناير).

وبناءً عليه، نعود لاعتماد النظرة الحيادية، ولكّن مع الحفاظ على منظورنا الإيجابي حيال توقعاتنا بارتفاع الأسعار.

Spot gold with retracement levels

الصدر: SaxoTraderGO

وقد نجح النفط الخام “أخيراً” في الخروج من نطاقه المتضيّق هذا الأسبوع، لتتلاشى الحركة الهابطة، وهو ليس بالأمر المفاجئ بطبيعة الحال. ويعزى ارتفاع الأسهم الأمريكية المتواصل للأسبوع التاسع على التوالي وتسجيلها رقماً قياسياً جديداً إلى ارتفاع واردات ’أوبك‘، إذ صدّرت المملكة العربية السعودية معظم نفطها إلى الولايات المتحدة منذ أغسطس 2016.

وفي الواقع، ترسل هذه الحركة إشارة خاطئة إلى السوق بغض النظر عن أسبابها، وذلك إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تركيز السوق المكثّف على التقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة (EIA)، والذي يشكل ما يشبه “المؤشر” لرصد أوضاع السوق العالمية.

وقد وصلت مخزونات النفط الخام الأمريكية إلى رقم قياسي جديد يبلغ 528 مليون برميل، وذلك مع غياب أي بوادر تنبئ بتباطؤ الواردات كما هو مفترض بعد قرار ’أوبك‘، بل إن الصادرات من السعودية والعراق والكويت والإكوادور ارتفعت بمقدار 900 ألف برميل يومياً خلال الأسبوع الماضي. كما أن جهود ’أوبك‘ الهادفة لإعادة موازنة السوق تعرّضت لضغوط إضافية مع ارتفاع الصادرات الأمريكية التي من المتوقع لها أن تنمو إثر ازدياد الإنتاج في تكساس.

EIA data

 

وقد استقرّ النفط الخام الآن بعد حركة استمرت لمدة يومين أفضت إلى نشوء دعم عند المستوى الحرج 48.70 دولار للبرميل، وهو مستوى تتمحور حوله ثلاثة خطوط دعم رئيسية (انظر الشكل أدناه) سيكون خرقها بمثابة بادرة تنبئ بامتداد هابط آخر. وستبقى حركة السوق ثقيلة عند هذه النقطة، غير أنه من المتوقع حدوث بعض التوحيد مع توجّه الأنظار إلى المقاومة عند 50.70 دولار للبرميل.

ما سبب التأثير الكبير للأسعار؟

1.       كادت مواقع المضاربة قصيرة الأمد تختفي بالكامل خلال الأشهر القليلة الماضية، وبالتالي شهدنا حالة حافظ فيها المضاربون على ما يقارب 12 حصّة من المواقع الطويلة على المدى القصير.  ومن شأن هذا السيناريو أن يحد قدرة المتداولين على الشراء بقوة في سوقهابطة يشكّل البيع معظم نشاطها.

2.       المنتجون كانوا أهم البائعين، بينما كانت الصناديق أهم المشترين. وليس بالضرورة أن يعمد هؤلاء إلى الدخول وتغطية مواقعهم قصيرة الأمد مع خروج السوق من واقعها الحالي.

 

وشهد الأسبوع الماضي عودة للفائدة المفتوحة على نفط غرب تكساس الخام، مما قد ينبئ بعودة البيع قصير الأمد، وهو ما سيساعد في تحقيق التوازن مع خفض المعدلات الحالية غير المستدامة لنسبة المواقع الطويلة إلى القصيرة، غير أن السوق رغم ذلك ما زالت تعاني من التثاقل مع حالة “الانغمار” التي تعيشها الكثير من المواقع طويلة الأمد.

لاقى نفط غرب تكساس الخام دعماً عند المستوى الحرج 48.70 دولار للبرميل، وهي نقطة يلتقي فيها نطاق الحركة الأساسي عن 200 يوماً، وخط المنحى المنبثق من قاع 2015، والتراجع بنسبة 50% في الارتفاع الذي نشأ بين نوفمبر ويناير كنتيجة لقرار ’أوبك‘ خفض الإنتاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock