أخبار الاقتصادالأخبار

الأسواق الناشئة تواجه تحديات قوة الدولار، وانخفاض أسعار السلع مع تقييمات عالية

تم النشر في الخميس 2017-11-02

تحليل : ألثيا سبينوزي المتخصصة بتداول المبيعات لدى ’ساكسو بنك‘

لطالما شكلت اقتصادات البرازيل، وروسيا، والهند والصين – أو ما يعرف بدول البريكس – الملاذ المضمون خاصة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية. ويعود الفضل في ابتكار الاسم المختصر ’بريك‘ للإشارة للمجموعة إلى عام 2001 حيث اقترحه جيم أونيل، الرئيس السابق لإدارة الأصول في ’جولدمان ساكس‘؛ وشهدت تلك الدول منذ ذلك الحين نمواً هائلاً بالرغم مما عانته من تأثيرات خلال فترات متعاقبة من التقلبات.

Moscow

وبوجه عام، استفادت الأسواق الناشئة من السياسات المتشددة للبنك المركزي خلال السنوات القليلة الماضية، متخطيةً التوقعات على نحو واسع. ومع ذلك، وفي وقت متأخر، أصبح المستثمرون أكثر تراجعاً مع تباطؤ تدفق الأموال في الأسواق الناشئة. وتشير الدلائل إلى أن هذه الأسواق تواجه تحديات تتجلى في ثلاثة عوامل محددة هي: قوة الدولار الأمريكي، وانخفاض أسعار السلع، والتقييمات المرتفعة.

 وبالرغم من خسارته بنسبة 11 بالمائة أمام اليورو منذ بداية العام، إلا أن الدولار الأمريكي ما يزال أعلى بكثير من مستوياته في عام 2014. وبالرغم من حالة عدم اليقين السياسي في واشنطن، إلا أن الاقتصاد الأمريكي يزداد قوة مما يشير إلى حقيقة مفادها أن الدولار الأمريكي لن يعود على الأرجح إلى مستوياته المسجلة في الفترة بين عامي 2013 و2014.

 وإلى جانب السياسات المتشددة بشكل متزايد وارتفاع أسعار الفائدة في البنوك المركزية ضمن الأسواق المتقدمة، قد تكون قوة الدولار الأمريكي قاتلة لعدد كبير من الحكومات والشركات في الأسواق الناشئة التي استفادت من ظروف السوق المواتية لتمويل عملياتها الجارية بالدولار الأمريكي.

وتظهر أسعار السلع الأساسية كما لو أنها فخّ. وفي حقيقة الأمر، تعتمد الكثير من الدول الناشئة بشكل كبير على صادراتها من السلع الأساسية، بالرغم من المؤشرات الظاهرية حول احتمال توجه أسعار السلع الأساسية نحو التعافي بشكل هامشي في عام 2018، إلا أن الأسعار ستبقى أدنى من المستويات التي ظهرت في مطلع عام 2014.

وفي النهاية، دفعت التقييمات المرتفعة للأصول في أسواق السندات والأوراق المالية الكثير من المستثمرين للنظر إلى ما وراء مناطق الراحة الخاصة بهم لإيجاد فرص ذات عوائد أعلى في الدول الناشئة. وساهم التدفق في تعزيز قيمة هذه الأصول، مما أسهم في تعزيز النظرة للقطاع بشكلٍ عام على أنه ’مكلف‘.

سلع مكلفة

لفهم كيفية زيادة التكلفة في الأسواق الناشئة، يمكن أن ينظر المرء إلى السندات السيادية المقومة بالدولار والتي أصدرتها الصين الأسبوع الماضي، حيث تمكنت بكين من وضع سندات سيادية بفترات استحقاق لمدة خمس سنوات وعشر سنوات عند +15 نقطة أساس و+25 نقطة أساس على سندات الخزينة.

وإضافة لما تقدّم ذكره، قد تشكل حالة عدم اليقين السياسية في الأسواق الناشئة خطراً أكبر على النحو الذي رأيناه في جنوب أفريقيا خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ فالظروف الاقتصادية ضعيفة، والأزمة السياسية تتغلغل أكثر فأكثر في اقتصاد الدولة. وبالنتيجة، ارتفعت العائدات الأسبوع الماضي، وستواصل تقلبها مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الوطني الأفريقي، وعدم الوضوح بشأن النتائج.

ويظهر القطاع المالي في روسيا بعض سمات الضعف، مع مساعي بنك ’أوتكريتي‘ لإيجاد الأسباب الموجبة لشطب السندات المستحقة في أبريل 2019. وفي الوقت ذاته، أشار ’رشان ستاندرد بنك‘ إلى عدم ارتباط سندات ’رشان ستاندرد المحدودة‘ بالبنك، مما دفع المستثمرين للخشية من احتمال التخلف عن السداد.

ويدرك المستثمرون أن المخاطر مرتفعة في الخارج كما هي الحال في الداخل. وبالرغم من نجاح الغرب في الحد من الخسائر في أعقاب أزمة عام 2008، وهو الآن في مرحلة التطبيع، إلا أن ’الطبيعي‘ اليوم سيكون مختلفاً عما كانت عليه الحال قبل عام 2008.

التفلّت من السطوة الأمريكية

نجحت فترة رئاسة ترامب أخيراً في تغيير الوضع السائد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي عرفت باسم ’الأمركة‘. وعلى مدى أكثر من سبعين عاماً، قادت الولايات المتحدة الأمريكية المحادثات الدولية وصاغت الإجماع العالمي. وفيما يواصل العالم اليوم التحرك باتجاه عولمة أكبر، تخطو إدارة ترامب بعيداً عن الاتفاقات الدولية وتسعى للتوصل إلى ترتيبات ثنائية مفيدة.

كما تلعب إدارة ترامب دوراً كبيراً في زيادة حالة عدم اليقين السياسي، مما يجعل الدولار الأمريكي والخزينة الأمريكية أكثر تقلباً وحساسية للتطورات السياسية والاقتصادية. ولطالما اعتبر الدولار الأمريكي والخزينة الأمريكية ملاذات آمنة، ولكن الحقيقة هي أنها قد تكون أول الأصول التي ستصبح غير آمنة لحد ما مع استمرار المكتب البيضاوي بإصدار القرارات المتهورة.

ومن الأمثلة الجيدة على ذلك كيفية معالجة أزمة الإعصار الذي ضرب بورتوريكو وذلك عبر شطب ديونها. ولا يمكن اعتبار الأموال آمنة في دولة لا يدرك رئيسها العواقب الوخيمة المترتبة على شطب السندات السيادية.

باختصار، لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية ملاذاً آمناً.

ومن شأن ذلك أن يضع العديد من المستثمرين في موقف محرج. وربما تقترب الأسواق الناشئة من الوقوع في أزمة، ولكن المال لم يعد آمناً في ’الوطن‘ أيضاً!

الأسهم في أعلى مستوياتها

تمثلت أكبر الصفقات التي أجريت في عام 2017 بعمليات البيع على المكشوف استناداً إلى مؤشر ’ستاندرد آند بورز 500‘، حيث اعتقد المستثمرون أن المؤشر قد بلغ أعلى مستوياته، مع إمكانية عودته القريبة إلى الانخفاض. وكشفت هذه الصفقة تكلفتها الكبيرة حيث ارتفع المؤشر بنسبة 15 بالمائة منذ بداية العام.
وإذا اعتقد متداولو الأسهم أن أسواق الأسهم ستكون أكثر تقلباً في عام 2018 في ظل سعي المستويات الحالية نحو إيجاد الدعم، فإنه ينبغي عليهم النظر إلى أسواق السندات. وتتجلى روعة الدخل الثابت في أن شراء السندات يمنحك عائدات محددة بشكل أساسي … ما لم تعجز الشركة بالطبع عن سداد الدخل الاعتباري.

 وذلك يعني أنك إذا كنت معجباً بإحدى الشركات، ولكنك تعتقد بأن سعر السهم سيكون متقلباً جراء عوامل خارجية، فبإمكانك ضمان عائد سنوي دون أن تتأثر بتقلبات السوق (شريطة أن تكون واثقاً من مكانة الشركة وقدرتها على سداد ديونها).

 لقد نظرنا في الأسهم الأكثر تداولاً في منصة ’ساكسو‘ هذا العام لمعرفة السندات التي قد تستقطب قدراً أكبر من الاهتمام بالنسبة لتجار الأسهم؛ ولفتت بعض الأسماء اهتمامنا …

  • شركة ’تنسنت‘ القابضة المحدودة. تقدم الشركة خدمات قيمة في مجال الإنترنت والهواتف النقّالة (الإعلانات عبر الإنترنت وصفقات التجارة الإلكترونية حول العالم). وارتفعت أسهم ’تنسنت‘ هذا العام بنسبة 84.5 بالمائة. وفي حال اعتقد المستثمرون أن كل شيء سينتهي في عام 2018، فإن الشركة لديها العديد من السندات المقومة بالدولار الأمريكي مع آجال استحقاق تمتد بين عامي 2018 و2025. ويتيح سهم ’تنسنت‘ 3.375% المستحق في مايو 2019 عائدات بنحو 2 بالمائة.
  • شركة ’سانتوس‘ المحدودة. وهي قصة مختلفة للشركة الأسترالية المتخصصة في استكشاف وإنتاج الغاز الطبيعي، حيث كانت الأسعار هذا العام أكثر شبهاً بلعبة اليويو، فوصلت إلى أدنى مستوياتها في يوليو وانتعشت في الشهرين الماضيين. وفي حال كنت معجباً بالشركة ولكنك لا تود التأثر بتقلبات الأسهم، فإن الشركة لديها سندات مقومة بالدولار الأمريكي تدفع قسيمة بنسبة 4.125% بالمائة مع أجل استحقاق في عام 2027، وهو يمثل عائدات بنسبة 4 بالمائة.

ومع ذلك، يمكن لأزمة الأسواق الناشئة أن تنتقل بسهولة كبيرة إلى الأسواق المتقدمة. وعاجلاً أم آجلاً، ستظهر علامات الضعف على أسواق الأسهم. وبالتالي، يشكل تنويع الأصول الحل الأمثل دائماً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock