مقالات

استفادة الأفراد من فوائض ودائعهم الجارية

تم النشر في السبت 2022-03-26

الوديعة التي يضعها العملاء في البنوك تمثل عمليا عملية إقراض تتم من العميل للمصرف أو البنك، ليستفيد منها بعد ذلك البنك من خلال عمليات التمويل أو الإقراض، التي تعد النشاط الرئيس للمصارف في العالم ويحققون من خلالها أرباحا بناء على قدرتهم على تشجيع العملاء على الاحتفاظ بجزء أكبر من أموالهم في تلك المصارف، وفي المملكة، ونتيجة للنمو وحجم الاقتصاد الكبير ومحدودية المصارف العاملة في السوق نسبيا، حققت هذه الودائع أرباحا كبيرة للمصارف، وقلت نسبة المخاطر على تلك المصارف، كما أن سياسة البنوك السعودية التي تعتمد استراتيجية الالتزام والحد من المخاطرة جعلتها أكثر استقرارا حتى مع وجود أزمات مالية كبيرة حول العالم، كما أن الودائع غالبا في المصارف في المملكة دون فوائد، وهذا ضاعف فرص الربح لدى المصارف في المملكة.
وفي تقرير لصحيفة “الاقتصادية”: “ارتفعت قيمة ودائع المصارف السعودية المدرجة، البالغ عددها عشرة بنوك، إلى نحو 2.05 تريليون ريال بنهاية العام الماضي، مقارنة بـ1.71 تريليون ريال في 2020، مسجلة بذلك زيادة نسبتها 20.1 في المائة. واستنادا إلى القوائم المالية للمصارف السعودية، بلغت نسبة الودائع تحت الطلب، أو ما تعرف بودائع الحسابات الجارية التي لا تعطي عمولات لأصحابها، نحو 69.1 في المائة من إجمالي الودائع بقيمة 1.42 تريليون ريال، لتسجل الودائع تحت الطلب نموا خلال العام الماضي بمعدل 18.2 في المائة، حيث كانت عند مستوى 1.2 تريليون ريال. في حين بلغت قيمة الودائع الادخارية وودائع لأجل وغيرها، نحو 635.9 مليار ريال، تشكل 30.9 في المائة من مجموع الودائع بنهاية العام الماضي 2021”.
وهنا يتضح أن حجم الودائع تحت الطلب أو الودائع الجارية كبير جدا، ومع النمو الاقتصادي المتوقع خلال الفترة المقبلة يمكن أن تنمو أحجام هذه الودائع بصورة واضحة، خصوصا أن الأمر لا يرتبط بالنمو الاقتصادي فقط، بل بالإصلاحات الاقتصادية لمحاربة الأنشطة غير النظامية، وهذا ما سيزيد فرص تدفق الأموال إلى المصارف.
سيلاحظ خلال الفترة المقبلة أن معدل الفائدة للبنوك المركزية سيستمر في الزيادة بصورة مستمرة لعدد من الارتفاعات خلال هذا العام والعام المقبل، ما سيزيد من عوائد المصارف خصوصا فيما يتعلق بالودائع تحت الطلب أو الودائع في الحسابات الجارية، وهذا قد يشجع الأفراد على الاستفادة من ودائعهم التي لا يحتاجون إليها ولا يرغبون في استثمارها في الخيارات المتاحة لديهم في السوق، أو قد ينوون الاحتفاظ بها لمدة معينة لشراء سلع ثمينة تتطلب جمع مزيد من النقد مثل شراء منزل أو سيارة وغير ذلك.
من خلال مراجعة للمنتجات المتوافقة مع الشريعة والخيارات المتاحة في السوق يمكن أن نلاحظ وجود مجموعة من الخيارات التي تحقق عائدا يعد محدودا نسبيا، إلا أن هذا العائد يتعاظم في حال كان المبلغ كبيرا خصوصا لمن يرغب في شراء منزل مثلا، ويمكن أن يحتفظ بمبلغ كبير لمدة طويلة ليس فقط لانتظار جمع مبلغ كاف، بل حتى عملية البحث عن منزل مناسب قد تستمر فترة طويلة، فعائد – وإن كان يسيرا – يمكن أن يكون مفيدا، ومن تلك الخيارات، صناديق المتاجرة التي غالبا تستثمر في أدوات مثل المرابحة وتحقق عائدا متدنيا، إلا أن هذه الصناديق غالبا ما تكون رسومها الإدارية التي يتقاضاها مدير الصندوق محدودة، فأغلب العوائد يستفيد منها المشترك في الصندوق، ومن تلك الخيارات، الحسابات الاستثمارية التي بدأ يقدم بعض المصارف خيارات لها وتعتمد على مشاركة العميل للمصرف في عملياته اليومية التي تتعلق بالتمويل ويتم تقييم العائد أحيانا بشكل يومي أو أسبوعي ويمكن أن يكون المال في هذا الحساب تحت الطلب، حيث يمكن أن يستفيد منه العميل متى ما أراد سحب هذا المال.
الخلاصة: مع النمو الكبير في حجم الاقتصاد الوطني وتحسن الظروف المعيشية إجمالا لكثير من الأفراد والإقبال على المنتجات المتوافقة مع الشريعة وفرص تحسن عوائد كثير من المنتجات المالية نظرا لرفع الفائدة لدى البنوك المركزية خلال الفترة المقبلة، فمن المفيد أن تتوسع المصارف في تقديم خيارات للودائع تحت الطلب من خلال منتجات متوافقة مع الشريعة تعزز فرص الخيارات الاستثمارية لدى الأفراد وتشجع على زيادة حجم الودائع في المصارف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock