مقالات

إلى ناقلاتنا الجوية الوطنية: “العالم كبير “

معتصم الفلو

تم النشر في الثلاثاء 2022-04-19

جذبتني خلال الأسبوع الماضي تغريدات ساخرة على تويتر، تطرح قضية تنافس شركتي طيران وطنيتين على تسيير رحلات  إلىجزيرة أوروبية صغيرة.

ورغم الردود الساخرة، والطرح المبسط للأمر، إلا ان تلك التغريدات سلطت الضوء على سؤال هام جداً: هل هذا هو الوقت المناسب لشركات الطيران الوطنية لتحصر تنافسها على وجهات محددة؟ أم يجب على هذه الشركات العمل على توسيع خارطة الرحلات المباشرة التي تربط المدن السعودية ومختلف المدن حول العالم؟

يربط موقع السعودية بين 3 قارات، ولطالما كانت بلادنا عبر التاريخ مركزا لوجستياً وطريقاً تجارياً رئيسياً. ورغم هذا الموقع الجغرافي المميز ومكانة السعودية الروحية والاقتصادية والسياسية، إلا أن عدد الوجهات المباشرة بين مطاراتها والمطارات حول العالم لا يتجاوز 100 وجهة على وجه التقريب، وهو رقم متواضع إذا ما قورن بمكانة المملكة على الساحة الدولية.

فعلي سبيل المثال، لا توجد رحلات مباشرة بين أي مدينة سعودية وهونج كونج؛ رغم الأهمية القصوى لهذه المدينة. ولا تسيّر ناقلاتنا الجوية رحلات مباشرة إلى أي مدينة في وسط آسيا أو غرب أفريقياأو أمريكا اللاتينية، بل لا توجد رحلة واحدة مباشرة بين المملكة وقارة أوقيانوسيا، التي تمتد على مساحة تزيد عن 8 ملايين كيلومتر مربع وتشمل 40 دولة على رأسها أستراليا ونيوزيلندا، اللتان تعدان دولتين محوريتين في عالم اليوم، ويتجاوز حجم التبادل التجاري بينهما وبين المملكة نحو 15 مليار ريال سنوياً. وعوضاً عن ذلك، نحجز رحلاتنا إلى تلك الوجهات عبر النواقل الجوية المجاورة.

من البديهي أن الربط المباشر بين مدن المملكة والعالم عبر خطوط جوية، يزيد من فرص إنشاء نشاطات اقتصادية متبادلة بنسب كبيرة، مقارنة بالمدن التي لا تملك مثل هذه الخطوط.  وكلما ازداد ربط مدينة ما بخطوط طيران مباشرة مع مدن أخرى، ارتفع المستوى المعيشي فيها بسبب تزايد الفرص التجارية والاقتصادية؛ دون الحاجة إلى إنشاء مطارات فخمة أو كبيرة المساحة، بل الاكتفاء بتسيير رحلات مباشرة.

تستهدف الخطة الاستراتيجية للطيران المدني الوصول إلى أكثر من 330 مليون مسافر سنويًا، وربط السعودية مع أكثر من 250 وجهة في العالم بحلول العام 2030. وتحمل هذه الاستراتيجية ذات أهمية قصوى ولا بد من تحقيقها، تضاف إلى الجهود الحثيثة لتنشيط التجارة الدولية بين المملكة ودول العالم، وتحويل بلادنا إلى مركز لوجيستي، ولكن هل سيكون تحقيق هذه الأهداف ممكناً إذا بقيت شركات الطيران السعودية تتنافس على وجهات قليلة مع بعضها الآخر؟

أظن الإجابة واضحة.

بقي أن نشير إلى أن المنافسة أمر حميد ومطلوب وهو يرفع جودة أداء جميع الشركات في كافة القطاعات، ويحسن الخدمات المقدمة للعملاء ويساهم في تعدد الخيارات. أقول بكل تأكيد أنه من مصلحتنا أن تتنافس الشركات على الوجهات ذاتها، ولكن الأكثر أهمية أن تتوفر رحلات مباشرة بين مختلف مدن العالم ومدن المملكة. فإما أن تزيد الناقلات الحالية رحلاتها أو أن نطلق ناقلة جوية عملاقة جديدة طال انتظارها!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock