سعود كاتب: التحول الرقمي الحقيقي للصحف يبدأ بالفكر لا بالمنصات

استعرض الدكتور سعود كاتب في مقاله ملامح التحول الرقمي الحقيقي في الصحافة، مؤكدًا أن هذا التحول لم يعد خيارًا تقنيًا أو استعراضيًا، بل أصبح استحقاقًا مهنيًا واقتصاديًا حاسمًا يتصل مباشرة بمستقبل الصحافة ودورها العام.
وأوضح الدكتور كاتب في مقاله بصحيفة “المدينة” أن امتلاك الصحف لمواقع إلكترونية، وبودكاست، وحسابات نشطة على شبكات التواصل الاجتماعي، أو حتى مذيعين يعملون بالذكاء الاصطناعي، لا يعني تحقق التحول الرقمي، مشيرًا إلى أن ذلك يمثل الحد الأدنى فقط، فيما يبدأ التحول الحقيقي من تغيير الفكر قبل المنصة، ومن طريقة إنتاج الخبر وإدارته وتقديمه، وفهم الجمهور، وتحليل البيانات، وبناء تجربة رقمية متكاملة.
وبيّن أن التحول الرقمي لا يستلزم إيقاف النسخ الورقية بشكل فوري، بل ينبغي أن يتم بصورة تدريجية ومدروسة، وفق اعتبارات الجدوى الاقتصادية وسلوك القراء، مع إمكانية استمرار النسخة الورقية كمنتج نوعي أو تحليلي.
وأشار إلى أن استمرار صدور صحف عالمية كبرى بنسخ ورقية يعود إلى حسمها المبكر لمعركة التحول الرقمي، واعتمادها الأساسي على الاشتراكات والخدمات الرقمية، بينما تؤدي النسخة الورقية دورًا داعمًا للعلامة التجارية.
وأكد أن نموذج الدخل الأنسب للصحافة الإلكترونية يقوم على تنويع مصادر الإيرادات، من اشتراكات مرنة، وإعلانات ذكية موجهة، ومحتوى أصلي مدفوع، وشراكات ومبادرات معرفية، مشددًا على أن المحتوى العميق والتحليلي هو الركيزة الأساسية للاستدامة.
ولفت إلى أن التحول الرقمي لا يعني الاستغناء عن الصحفيين، بل الاستثمار في الخبرات القائمة وإعادة تأهيلها، معتبرًا أن العنصر البشري هو جوهر التحول وليس ضحيته.
كما تناول ضرورة مراجعة الأنظمة الإدارية التقليدية وسلالم الرواتب، مؤكدًا أنها لم تعد مناسبة لبيئة رقمية تنافسية، وأن المرحلة تتطلب هياكل إدارية مرنة، وقرارات سريعة، وحوافز مرتبطة بالأداء والتأثير.
واختتم المقال بالتأكيد على أن الصحف لا تزال تمتلك مصادر قوة حقيقية، تتمثل في الاسم التجاري الموثوق، والمصداقية المتراكمة، والأرشيف الثري، والخبرة المهنية، والقدرة على إنتاج محتوى عميق وعالي القيمة، مشيرًا إلى أن التحدي يكمن في توظيف هذه العناصر رقميًا بذكاء لإعادة الصحافة إلى مكانتها وهيبتها.


