اقتصاد العالم

ارتفاع العملات الرقمية: فرص جديدة أم فقاعة اقتصادية؟؟

الاقتصاد.الرياض

تم النشر في الخميس 2025-05-15

شهدت العملات الرقمية المشفرة خلال السنوات القليلة الماضية طلبا كبيرا من قبل المستثمرين عليها، وتحديدا بعد إدراجها في صندوق الاستثمار المتداول ETF، حيث فتحت هذه العملات باب التوقعات أمام المختصين في المجال الاقتصادي فمنهم من يرى أنها ستهدد البنوك المركزية العالمية مستقبلا، في حين أن البعض توقع أنها ستنهار.

وتعود بدايات العملات المشفرة إلى عام 2008، بعدما اخترع رجل صيني مجهول يحمل اسم مستعار يدعى ساتوشي ناكاموت أول عملة رقمية عرفت باسم “بتكوين”، حيث انتشرت في 2009 وأصبحت تتداول بشكل كبير خصوصا بين شبكات غير قانونية التي وظفتها في عمليات تجارية مشبوهة، نظرا لقدرة العملة على اخفاء اسم مالكها مما يصعب على الجهات تتبعها وهذا الاستخدام أثار مخاوف واسعة النطاق ودفع العديد من الدول الى حظرها عام 2021.

ويتم تداول هذه العملات عبر منصات رقمية مخصصة وأبرزها بينانس، حيث يمكن للمستثمرين تداولها وشراءها وبيعها على غرار التداول التقليدي في العملات التقليدية مثل الدولار والريال وغيرها.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أعلن في مارس الماضي أنه سيتم إيداع 5 عملات رقمية مشفرة في الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي الجديد بما فيها بيتكوين وإيثر، وريبل.

وتمتلك العملات الرقمية المشفرة قيمة سوقية عالية تصل إلى نحو 3.5 تريليون دولار في سوق الاقتصاد العالمي.

ورغم تقلبات الأسواق المالية في العالم إلى أن العملات المشفرة ما زالت تشهد ارتفاعا ملحوظا في الفترة الماضية وسط تساؤلات عديدة عما إذا كانت ستهدد العملات التقليدية أم لا.

وأوضح الدكتور محمد القحطاني الخبير الاقتصادي من جامعة الملك خالد في تصريح لصحيفة (مال) ان العملات الرقمية لا تشكل تهديدا مباشرا للبنوك المركزية في الوقت الراهن لكنه توقع أنها ستؤثر سلبا على المدى البعيد.

وقال: ” في المرحلة القريبة أو المتوسطة لا أعتقد أن العملات المشفرة تمثل تهديدا حقيقيا خاصة وأن العملات التقليدية مثل الريال والدولار واليورو لا تزال مدعومة من الحكومات ولم تتخلى عنها اي دولة كبرى حتى الآن، لكن على المدى البعيد اعتقد أنها ستؤثر على دور البنوك المركزية في العالم “

وأكد القحطاني أن العملات الرقمية توفر نموذجا جديد للتمويل اللامركزي قد يسهم في إعادة تشكيل النظام المصرفي العالمي لكنه شدد في الوقت نفسه على استمرار المخاوف من استخدامها في أنشطة غير قانونية مثل المواقع المشبوهة التي تمارس التجارة الغير مشروعة.

واشار إلى أن إمكانية دمج هذه العملات في النظام المالي العالمي ستبقى قائمة شريطة أن يتم تنظيمها بطريقة تراعي المخاطر وتضمن الشفافية.

وقال القحطاني: “البتكوين هي أول وأشهر عملة مشفرة لامركزية، وبدأت تتحول من مجرد تجربة تقنية إلى أصل مالي يتم تداوله عالميًا، مستقبلها يمكن أن يسلك عدة مسارات فمن الممكن أن تستخدم كأصل بديل للتحوط من التضخم مثل الذهب وخاصة في الأزمات الاقتصادية. كما ان هناك دول نامية عملتها ضعيفة بدأت تعتمد البتكوين كوسيلة لتجاوز النظام المالي التقليدي لديها”.

وعلى الطرف الأخر، قال فيصل الدوخي المحلل الاقتصادي المختص والحاصل على شهادة okr من معهد مؤشرات الأداء الرئيسية في إستراليا أن العملات المشفرة أصبحت جزاء أساسيا من النظام المالي مما باتت عليه الآن معتقدا أن هذه العملات ستحدث تغيرات جذرية في كيفية تعامل الافراد والشركات مع المدفوعات والاستثمارات مستقبلا.

وكشفت مجموعة من الدراسات أن عدد متداولي العملات الرقمية قد يصلون إلى 851 مليون متوقعين أن تحقق إيرادات قد تتجاوز الـ45 مليار دولار بحلول العام الجاري.

وأكد الدوخي لصحيفة (مال) أن العملات المشفرة ستكون خيارا بديلا للاستثمار والمدفوعات، خاصة مع تزايد الاهتمام بالتكنلوجيا المالية.

وأشار إلى أن العملات المشفرة يجب أن تخضع لأطر تنظيمية وتشريعية واضحة تحكم استخدامها لكي تتمكن من تحقيق تأثير عالمي حقيقي.

وقال: “الحكومة الفعالة هي التي ستساهم في تعزيز استقرار العملات المشفرة وتزيد من ثقة المستخدمين بها، خاصة في ظل التذبذب الكبير الذي تشهده أسواق العملات الرقمية في العالم”.

وأضاف: “على الرغم من أن بعض الدول قد سمحت في إدراج البتكوين ضمن احتياطاتها واستثماراتها السيادية، إلا أن الاستثمار في هذه العملات يظل عالي المخاطر نظراً لتأثره الكبير تجاه المتغيرات الاقتصادية والسياسات الحكومية والمضاربات السوقية”.

وتابع: “العملات المشفرة قد تمثل تحديا للعملات التقليدية مثل الدولار واليورو والريال لكن من غير المتوقع أن تحل محلها حالياً او على المدى القريب، فالعملات التقليدية مدعومة من الحكومات والبنوك المركزية، مما يمنحها استقرارًا وقيمة معترف بها عالميًا”.

ومن ناحيته، أوضح الدكتور محمد آل عباس الأكاديمي والخبير الاقتصادي لـ (مال) أنه كان متابعا لسوق العملات الرقمية منذ ظهورها عام 2008.

وقال العباس: “في بداية ظهور العملات الرقمية كان من الصعب على المستثمرين التداول بها إلا ان الأمر أصبح اليوم أكثر سهولة بعد ظهور التطبيقات والمنصات الرقمية التي سهلت عليهم عمليات البيع والشراء”.

ويرى الدكتور الاقتصادي أن العملات الرقمية تحولت إلى أصول رقمية، مؤكدا أنه مع مرور الوقت ستشهد استنفاد، أو أن قيمتها سترتفع في تصاعد كبير.

وفي رده على سؤال حول أسباب ارتفاع قيمة العملات الرقمية أجاب العباس: “عملية إنتاج هذه العملات تتطلب استهلاك عالي للطاقة الكهربائية، ما يزيد عن تكلفة إنتاجها”.

وأضاف: ” بدأت البنوك وبعض الدول الدخول في عمليات شراء العملات المشفرة، بينما تبقى تقنية سلسلة الكتل البلوك تشين التي تعتمد عليها هذه العملات محدودة ما يجعلها معرضة للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي أو التدوير”، مشيرًا إلى أن ذلك قد يتسبب في احتكار السوق، وهو ما سيدفع أسعارها للارتفاع إلى حد معين، قبل أن تتحول هذه العملات إلى نقد، ما سيتسبب في انخفاض قيمتها وستنهار إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock