وزير الاقتصاد: ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية إلى 56% يؤكد دخول السعودية مرحلة جديدة من النمو والتحول الاقتصادي

أكد فيصل الإبراهيم وزير الاقتصاد والتخطيط، خلال مشاركته في جلسة حوارية على هامش ملتقى ميزانية 2026، أن المملكة تدخل مرحلة جديدة من النمو النوعي المدفوع بجودة التنفيذ وتعظيم الأثر الاقتصادي، مشيراً إلى أن النتائج المتحققة منذ انطلاق رؤية السعودية 2030 تعكس تحولاً هيكلياً حقيقياً في بنية الاقتصاد، وتراجعاً واضحاً لاعتماده التاريخي على النفط.
وقال الإبراهيم إن الوطن مقبل على ميزانية مباركة للعام 2026، ستمثل امتدادًا لمسار النمو والازدهار، مشددًا على أن العائد الحقيقي من رؤية 2030 يتجلى اليوم بالأرقام والنتائج الملموسة. وأوضح أن “السبيل الثالث” في منظومة الرؤية أظهر تسارعًا كبيرًا في النمو الاقتصادي، إذ حقق الاقتصاد غير النفطي خلال الخمس سنوات الماضية نمواً سنوياً تجاوز 5% في 74 نشاطًا، من بينها سجلت 37 نشاطًا نمواً يفوق 10% سنويًا من بين 81 نشاطًا غير نفطي، وهو ما يعكس اتساع قاعدة الإنتاج، وتنامي حيوية القطاعات الجديدة.
وبيّن أن اعتماد الاقتصاد على النفط انخفض من 90% قبل الرؤية إلى نحو 68% اليوم، نتيجة توسع مصادر الدخل، وارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية إلى مستوى قياسي بلغ 56% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام الماضي. وأضاف أن الاقتصاد غير النفطي حقق نمواً تراكمياً يفوق 30% منذ 2016، متقدماً على متوسط الاقتصادات المتقدمة التي نمت بنحو 20% في الفترة ذاتها.
وأوضح الوزير أن المملكة انتقلت خلال السنوات الماضية من مرحلة “الإنجاز بأي تكلفة” إلى مرحلة “الإنجاز بالتكلفة الصحيحة وتعظيم الأثر”، وهي مرحلة تتطلب رفع جودة التنفيذ، وتسريع الاستفادة من الفرص، وتوسيع دور القطاع الخاص في النمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن القدرات المؤسسية في المملكة تطورت بشكل ملحوظ، وأصبحت قادرة على التخطيط والتنفيذ بمعايير أعلى، مستشهداً بنماذج واضحة في قطاعات الصحة، والمياه، والكهرباء، حيث شهدت المملكة تحوّلاً من إنجاز المشاريع سريعاً إلى إنجازها بكفاءة واستدامة وبأعلى عائد اقتصادي.
وأضاف أن مشاركة القطاع الخاص ارتفعت من مستويات تقارب 52% سابقًا إلى نسب أعلى بكثير اليوم، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد دوراً أوسع للقطاع الخاص ليس فقط عبر الشركات المرتبطة بالدولة، بل عبر منظومة الأعمال بأكملها.
وأكد الإبراهيم أن هناك ثلاث ركائز أساسية لتعزيز دور القطاع الخاص، وهي فتح المجال أمام القطاع الخاص عبر وضوح الفرص الاستثمارية على المدى القريب والبعيد، مما يمكّنه من التخطيط والتوطين وخلق وظائف نوعية.
إضافة إلى خلق بيئة تنافسية، وهو ما تحقق فعلياً مع دخول أكثر من 600 شركة عالمية إلى السوق السعودية خلال سنوات الرؤية، إضافة إلى ارتفاع نسب التوطين في قطاعات حيوية مثل الأدوية (من 20% إلى 35%)، والصناعات العسكرية (من 4% إلى 20%).
وكذلك الدخول في شراكات حقيقية وطويلة المدى من خلال برامج التخصيص والحوافز، بما يضمن استدامة الزخم الاقتصادي ونمو القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة الأعلى.
وقال الإبراهيم إن الاقتصاد غير النفطي أصبح اليوم “الأساس الحقيقي لاستدامة الاقتصاد الوطني”، لافتًا إلى أنه أثبت قدرته على حماية النمو السعودي خلال فترات التباطؤ العالمي وانخفاض أسعار النفط، وذلك بفضل الاستخدام الأمثل للإيرادات النفطية، وتوجيهها نحو التنمية طويلة المدى.
وأشار إلى أن التوقعات تشير إلى نمو غير نفطي يتراوح بين 4.5% و6% في السنوات المقبلة، مدعوماً بتوسع دور القطاع الخاص، والسياسات المحفزة، والشراكات الاستراتيجية، إضافة إلى دخول المملكة مرحلة جديدة من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، الذي وصفه بأنه “مسرّع أكبر للنمو غير النفطي”.
وأوضح أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي سيخلق حالات استخدام واسعة في الطاقة، والصناعة، والصحة، بما يعزز جاذبية السوق السعودية للمواهب والمستثمرين العالميين، ويرسخ موقع المملكة كقاعدة رئيسية لاقتصاد المستقبل.
وأكد الإبراهيم أن المملكة اليوم ضمن أكبر 12 اقتصادًا عالميًا في مجال الاستدامة، وتمتلك قدرة متنامية على أن تصبح منصة لوجستية وصناعية عالمية. وأضاف أن تطور البنية التحتية، وارتفاع استثمارات الصناديق العالمية في القطاعات الخضراء والبنية التحتية، يعزز من قدرة المملكة على قيادة دورة اقتصادية جديدة تتسق مع متطلبات النمو العالمي.
وأشار إلى أن التخطيط الصحيح، والتمويل المتوازن، وتوجيه الإنفاق نحو الأثر الأكبر، ستُمكّن المملكة من تعزيز تنافسيتها، وخفض تكاليف الإنتاج، وتحسين جاذبية الاستثمار، مما سينعكس على خلق وظائف نوعية، ونمو الصناعات الوطنية، وتوسيع دور القطاع الخاص في الاقتصاد.



