ثلاثية النفط والفائدة والترقب تضغط على أسواق المال الخليجية

تجد أسواق المال الخليجية نفسها في الآونة الأخيرة تحت وطأة ثلاثية ضغط معقدة ومتشابكة، تشكل معا الإطار الحاكم لقرارات
المستثمرين وتوجهات السيولة. هذه الثلاثية تتمثل في تقلبات أسعار النفط الخام، ومسار أسعار الفائدة العالمية، وحالة الترقب التي تخيم على المشهد الاقتصادي الكلي. إن فهم التفاعلات الديناميكية بين هذه العوامل الثلاثة يعد أمراً جوهريا لتحليل الأداء المتباين الذي تشهده البورصات الخليجية.
يشكل النفط، بصفته المحرك الرئيسي للاقتصادات الخليجية، العامل الأشد تأثيرا. فكل تحرك في أسعاره ينعكس بشكل مباشر على التوقعات المتعلقة بالإيرادات الحكومية، والميزان التجًاري، ومعدلات الإنفاق العام، وبالتالي على ربحية الشركات المدرجة، خاصة في قطاعات البنوك والطاقة. ومع استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي، وتأثير قرارات “أوبك+“، تظل أسعار النفط عرضة
لتقلبات حادة، مما يغذي حالة من الحذر لدى المستثمرين. إن أي تراجع في أسعار الخام يترجم فورا إلى ضغط بيع في الأسواق، خاصة على الأسهمالقيادية التي ترتبط بشكل وثيق بالدورة الاقتصادية النفطيةً.
هذا التفاعل بين النفط والفائدة يخلق حالة من الترقب، وهو العامل الثالث في هذه الثلاثية. المستثمرون،سواء كانوا مؤسسات أو أفراداً، يفضلون الانتظار قبل اتخاذ قرارات استثمارية كبرى، خاصة قبيل صدوربيانات اقتصادية هامة )مثل تقارير الوظائف
الأمريكية أو بيانات التضخم العالمية( أو قرارات البنوك المركزية. هذا الترقب يترجم إلى انخفاض في أحجام التداول وزيادة في التقلبات اليومية، حيث تصبح الأسواق شديدة الحساسية لأي خبر أو إشاعة. إن التغلب على هذا الترقب يتطلب من الشركات الخليجية الاستمرار في إظهار مرونة في نتائجها المالية ،والتركيز على مصادر دخل غير نفطية، لتقليل ارتباطها المباشر بالدورة الاقتصادية العالمية.
في الختام، يمكن القول إن عواصم المال الخليجية تعمل ضمن بيئة تتطلب إدارة حذرة للمخاطر. إن نجاح الأسواق في تجاوز هذه المرحلة مرهون بمدى قدرة الاقتصادات الخليجية على تعميق برامج التنويع،وتخفيف تأثير النفط والفائدة على أداء الشركات، وتحويل الترقب إلى ثقة من خلال استمرار الإصلاحات الهيكلية.
ايات الشاذلي


