السعودية نموذج عالمي يحتذى به في التحول الرقمي

في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التقنية والاتصال، برزت المملكة العربية السعودية كنموذج عالمي رائد في التحول الرقمي، حيث تمكنت خلال فترة وجيزة من تحقيق إنجازات نوعية جعلتها في مصاف الدول المتقدمة رقميًا. ويعود هذا النجاح إلى رؤية السعودية 2030، التي جعلت من التحول الرقمي محورًا أساسيًا لبناء اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي ووطن طموح.
الرؤية والاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي
أطلقت الحكومة السعودية الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي لتكون خارطة طريق شاملة نحو تعزيز الابتكار الرقمي في جميع القطاعات. وقد ركزت الاستراتيجية على تطوير البنية التحتية التقنية، وتمكين القطاعين الحكومي والخاص، وتحفيز الاستثمار في التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، والبيانات الضخمة.
هذا التوجه الاستراتيجي لم يكن مجرد شعارات، بل ترجم إلى مشاريع ومبادرات واقعية أحدثت تحولًا جذريًا في أسلوب تقديم الخدمات وإدارة الموارد.
التحول في الخدمات الحكومية
من أبرز إنجازات التحول الرقمي في المملكة هو ما تحقق في الخدمات الحكومية الإلكترونية. فقد أصبحت معظم الخدمات متاحة إلكترونيًا عبر منصات موحدة وسهلة الاستخدام مثل
منصة أبشر: التي تقدم أكثر من 350 خدمة إلكترونية للمواطنين والمقيمين
منصة توكلنا:
التي بدأت كأداة لمواجهة جائحة كورونا وتطورت لتصبح منصة رقمية متكاملة لإدارة الخدمات الحكومية اليومية
منصة نفاذ:
التي تسهّل الدخول الموحد لجميع الخدمات الحكومية بأمان وموثوقية
وقد أسهمت هذه المنصات في رفع كفاءة الأداء الحكومي، وتقليص الوقت والجهد، وتحقيق رضا المستفيدين بنسبة غير مسبوقة.
البنية التحتية الرقمية المتقدمة
استثمرت المملكة بشكل كبير في تطوير شبكات الاتصالات وتوسيع انتشار الإنترنت عالي السرعة. ونتيجة لذلك، تصدرت السعودية المرتبة الأولى عربيًا والخامسة عالميًا في سرعة شبكة الجيل الخامس (5G).
كما أنشأت الحكومة مراكز بيانات ضخمة تدعم خدمات الحوسبة السحابية الوطنية، مما جعل البيئة الرقمية السعودية من بين الأكثر تطورًا وأمانًا في العالم.
الاقتصاد الرقمي والمدن الذكية
يشكل التحول الرقمي أحد أعمدة الاقتصاد الجديد في السعودية. وقد أطلقت المملكة عدة مبادرات عملاقة مثل مشروع نيوم ومدينة ذا لاين، اللذين يجسدان مفهوم المدن الذكية المستدامة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
كما شهد قطاع التقنية المالية (FinTech) نموًا هائلًا بفضل الدعم الحكومي والتشريعات المرنة، مما جذب العديد من الشركات الناشئة والمستثمرين العالميين.
تمكين الكفاءات الرقمية
أدركت المملكة أن النجاح في التحول الرقمي لا يكتمل دون بناء الإنسان الرقمي القادر على الإبداع والابتكار. ولهذا، أطلقت مبادرات وبرامج تدريبية نوعية مثل “أكاديمية طويق“ و**”مهارات المستقبل”** و**”السعودية الرقمية”** لتأهيل الشباب وتمكينهم من مهارات البرمجة والأمن السيبراني والتحليل الرقمي.
وقد أصبحت الكفاءات السعودية اليوم تنافس على المستوى العالمي في مجالات التقنية والابتكار.
الريادة الإقليمية والعالمية
بفضل هذه الجهود، أصبحت المملكة في طليعة الدول العربية في مؤشرات التحول الرقمي، كما حققت مراكز متقدمة عالميًا في مؤشرات الحكومة الرقمية، والخدمات الإلكترونية، والأمن السيبراني.
وقد أشادت منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي بتجربة السعودية بوصفها نموذجًا ملهمًا للدول النامية والمتقدمة على حد سواء.
خاتمة
لقد أثبتت المملكة العربية السعودية أن التحول الرقمي ليس مجرد تحديث تقني، بل رؤية شاملة لبناء المستقبل. ومن خلال الجمع بين القيادة الطموحة، والاستثمار في البنية التحتية، وتمكين الإنسان، أصبحت السعودية نموذجًا عالميًا يحتذى به في التحول الرقمي، وركيزة أساسية في تشكيل ملامح العالم الرقمي الجديد.
الكاتب : محمد عبد المجيد


