هل يواصل السعوديون التنقل بين الأسهم والعقار في ظل تنامي الفرص الاستثمارية الجديدة؟

لطالما كان العقار هو الخيار المفضل للمستثمرين في السعودية، إذ ارتبط في الوعي الجمعي بعبارات مثل “العقار ولدٌ بار” و“العقار يمرض ولا يموت”. ومع هذه القناعات الراسخة، ظل سوق العقار متسيد المشهد الاقتصادي لسنوات طويلة، حيث كان كثير من المستثمرين يحققون مكاسب من البيع والشراء والمضاربة في أسعار الأراضي والمساكن، أو من اقتناء العقارات وبيعها لاحقاً عند ارتفاع الأسعار.
غير أن المشهد تغيّر تدريجياً مع انطلاق رؤية السعودية 2030 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي أحدثت نقلة نوعية في تنظيم السوق العقاري وجعله أكثر شفافية وكفاءة. فقد أُنشئت الهيئة العامة للعقار لتتولى الإشراف والتنظيم الكامل للسوق، وأُقرت مجموعة من الأنظمة التي تهدف إلى تحقيق التوازن والاستدامة، من أبرزها نظام رسوم الأراضي البيضاء، الذي جاء ليحد من احتكار الأراضي ويحفز تطويرها واستثمارها بما يخدم التنمية الحضرية ويزيد المعروض السكني.
رسوم الأراضي البيضاء… خطوة نحو التوازن
تُعد رسوم الأراضي البيضاء من أبرز أدوات الإصلاح العقاري في السعودية، إذ تُفرض على الأراضي غير المطورة الواقعة داخل النطاقات العمرانية بهدف تشجيع أصحابها على تطويرها أو بيعها بدلاً من إبقائها دون استخدام.
وبحسب المعلومات المتوفرة لـ “الاقتصاد”، ساهم هذا النظام في تحريك السوق وكسر الجمود الذي كان يعيشه القطاع خلال فترات سابقة، مما خلق فرصًا جديدة للمطورين والمستثمرين الباحثين عن مشاريع طويلة الأمد تحقق عوائد مستدامة.
سوق الأسهم… الوجه الآخر للاستثمار
في المقابل، ظل سوق الأسهم السعودي (تداول) وجهة رئيسية للمستثمرين الباحثين عن فرص أسرع في العائد المالي. فكثير من ملاك العقار والمضاربين كانوا يتجهون إلى الأسهم عندما يلاحظون تباطؤًا في حركة السوق العقاري، والعكس صحيح.
وتشير تلك المعلومات إلى أن التطورات التنظيمية والتقنية التي شهدها السوق المالي خلال السنوات الأخيرة جعلته أكثر جذبًا للمستثمرين المحليين والأجانب، خاصة بعد إدراجه ضمن مؤشرات الأسواق الناشئة العالمية، مما عزز مكانته كأحد أهم الأسواق في المنطقة من حيث القيمة والسيولة.
توازن الأسواق وتنوع الفرص
يرى محللون أن نضج السوقين العقاري والمالي في السنوات الأخيرة خلق بيئة استثمارية أكثر توازنًا، إذ لم يعد الاعتماد على سوق واحد كافياً لتحقيق النمو والعائد. فالتنظيمات الجديدة ودخول جهات رقابية متخصصة أسهما في رفع مستوى الشفافية، إلى جانب نمو الوعي الاستثماري لدى الأفراد.
ووفقاً للمعلومات، فتحت رؤية السعودية 2030 آفاقًا واسعة أمام المستثمرين في قطاعات متعددة، من الطاقة المتجددة، والتعدين، والصناعة، والسياحة، والتقنية، والذكاء الاصطناعي، والأمن الغذائي، والتقنيات الزراعية، والخدمات اللوجستية، والبنية التحتية.
واحة للفرص الاستثمارية
تشهد السعودية اليوم تناميًا في حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية، مدعومة بحوافز وتشريعات تسهّل دخول المستثمرين إلى الأسواق الجديدة.
وتبرز مشاريع عملاقة مثل نيوم، والقدية، والبحر الأحمر، وروشن كنماذج حية لرؤية اقتصادية طموحة تسعى لتنويع مصادر الدخل الوطني، وتوسيع قاعدة الاقتصاد غير النفطي.
ويرى خبراء أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من التحول في سلوك المستثمرين السعوديين نحو التنويع في المحافظ الاستثمارية، وعدم الاقتصار على العقار أو الأسهم فحسب، مستفيدين من تنوع الفرص في القطاعات الجديدة التي توفرها الدولة بدعم غير مسبوق.



