الاقتصاد.الرياض
تم النشر في الأثنين 2025-07-07
أعرب الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) عن خيبة أمله العميقة إزاء توصية فريق العمل العالمي المعني بفرض ضرائب التضامن، باستهداف قطاع النقل الجوي من أجل “تحسين تعبئة الإيرادات المحلية للدول النامية ودعم التضامن الدولي، لا سيما فيما يتعلق بالحد من آثار التغير المناخي والتكيف معه، ومواجهة الأوبئة وغيرها من تحديات التنمية.“
ويكشف التقييم الأولي لمقترحات الفريق عن أوجه قصور شديدة، بما فيها:
• إنّ قطاع الطيران التنافسي لا يحقق أرباحاً طائلة: يفتقرإعلان فريق العمل إلى أي تفاصيل مهمة، ويستند إلى تقديرات شركة سي إي دلفت، التي تفيد بأن ضريبة السفر الجوي الفاخر قد تحقق 78 مليار يورو (أكثر من 90 مليار دولار أمريكي) سنوياً. ويعادل هذا الرقم حوالي ثلاثة أضعاف الأرباح العالمية المقدرة لقطاع الطيران، والبالغة 32.4 مليار دولار أمريكي في عام 2024. كما يجب أن تراعي النقاشات حول السياسات المتبعة هامش الربح الصافي الضئيل لشركات الطيران (المقدر بمعدل وسطي يبلغ 3.4% على مستوى القطاع لعام 2024 وحوالي نصف المتوسط العالمي لجميع القطاعات).
• يلتزم قطاع الطيران بإنفاق تريليونات الدولارات على تعزيز جوانب الاستدامة: التزمت شركات الطيران بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة هذه المساعي 4.7 تريليون دولار أمريكي بين عاميّ 2024-2050. ويضمن هذا التوجه قدرة قطاع الطيران على الإسهام المباشر بنسبة 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتوفير 86.5 مليون فرصة عمل على المستوى العالمي، مع معالجة مشكلة انبعاثات الكربون الصادرة عن القطاع والبالغة 2.5% من إجمالي الانبعاثات العالمية. وستقلل زيادة الضرائب المقترحة على شركات الطيران من قدرة القطاع على الاستثمار في حلول تحد من الانبعاثات على المدى الطويل.
• يعتمد قطاع الطيران حالياً آلية تمويل مناخية متخصصة: يتجاهل مقترح فريق العمل خطة التعويض عن الكربون وخفضه في مجال الطيران الدولي (كورسيا)، التي أطلقتها منظمة الطيران المدني الدولي. وتُعدّ هذه الخطة أول آلية متفق عليها عالمياً لإدارة انبعاثات الكربون الصادرة عن أحد القطاعات الصناعية؛ أي قطاع الطيران الدولي في هذه الحالة. وقد أسهمت الدول المشاركة ضمن فريق العمل في وضع خطة كورسيا، بموجب مبدأ يجعل منها الإجراء الوحيد المنسق والقائم على السوق لإدارة انبعاثات الكربون في قطاع الطيران الدولي. ويمكن للتدابير الجديدة، مثل ضريبة التضامن، أن تتسبب في تقويض خطة كورسيا وإرساء سياسات عالمية تتسم بالانقسام والضعف والتناقض. وانطلاقاً من ذلك، من الأهمية بمكان أن تركّز جميع الدول على إنجاح خطة كورسيا، بما في ذلك الدول المشاركة في فريق العمل، وذلك بدلاً من طرح تدابير جديدة متداخلة. ويأتي توفير الدول لأرصدة الكربون في طليعة العوامل الأساسية لدعم خطة كورسيا، الأمر الذي يمكّن شركات الطيران من الوفاء بالتزاماتها بموجب الخطة، ويسمح للدول بتحقيق قيمة التمويل المناخي الخاصة بها.
• إن الضريبة المقترحة ستؤدي حتماً إلى الفشل في تقييم التكاليف المتزايدة: لم يُصدر فريق العمل أي تقييم حول تأثير هذه الضريبة على اقتصادات الدول التي يهدف إلى توجيه الأموال إليها، أو تأثيرها الأوسع على جميع المسافرين. كما أنه لم يقدم تفاصيل حول كيفية استخدام هذه الأموال. ورغم أن الفريق يشير إلى أن المقترح يستهدف قطاع السفر الجوي الفاخر، إلا أنه يُغفل الأهمية الكبيرة لهذا القطاع في تحقيق الجدوى المنشودة من شبكات المسارات الجوية. ومن هذا المنطلق، فإنّ معاقبة هؤلاءالمسافرين أو إثقال كاهل القطاع بضرائب باهظة من شأنه أن يؤثر سلباً على حركة السفر ضمن هذه المسارات، التي سيعتمد عليها ما يقرب من خمس مليارات مسافر هذا العام. وسيسهم مقترح فريق العمل في تراجع كفاءة شركات الطيران وزيادة الأعباء المالية عليها، مما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف المترتبة على جميع المسافرين وعلى الشحن الجوي للبضائع. كما يؤدي تراجع القدرة على تحمّل التكاليف في هذا القطاع المهم اقتصادياً إلى نتيجة غير مرغوبة، تتمثل في ضعف النمو الاقتصادي.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال ويلي والش، المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا”: “يلعب قطاع الطيران دوراً مهماً في تحفيز الاقتصاد. ومع ذلك، تقترح الحكومات فرض ضريبة على المسافرين تُعادل ثلاثة أضعاف الربح السنوي لقطاع الطيران، دون مراعاة الآثار الجانبية الواقعية على قطاع يُمثل شريان حياة للمجتمعات النائية، ويُنعش أسواق السياحة، ويربط المنتجات المحلية بالأسواق العالمية. وإضافةً إلى عدم تحديد آليات مقترح فريق العمل العالمي المعني بفرض ضرائب التضامن، تؤكد التجارب أن هذه الضرائب تذهب ببساطة إلى الخزينة العامة، ويتم في أحسن الأحوال تخصيص جزء ضئيل من الإيرادات لجهود مواكبة التغير المناخي”.
وأضاف والش: “يقول فريق العمل إن ضرائب التضامن التي يفرضها لن تزيد من تكلفة معيشة المواطنين العاديين ولن تؤثر على ضرائب أساسية مثل الفواتير المنزلية، لكن هذا غير صحيح، فاتباع توصيات فريق العمل سيزيد من تكلفة السفر الجوي لجميع المسافرين، ويعود بآثار سلبية تفوق المزايا التي يقدمها. كما أن اقتطاع عشرات المليارات من إيرادات قطاع الطيران سيعيق قدرته على الاستثمار في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ومن شأنه أن يغير ديناميكيات المسارات الجوية إلى الحد الذي يضر بقدرات الربط الجوي، وأن يحرم الدول من الدعم الاقتصادي الحيوي الذي يوفره قطاع النقل الجوي”.
وأردف والش: “أود أن أوضح أنّ شركات الطيران لا تتهرب من القيام بدورها في الحد من آثار التغير المناخي، حيث يبذل القطاع قصارى جهده لتحقيق الحياد الكربوني باستخدام وقود الطيران المستدام وتعزيز كفاءة العمليات واعتماد التقنيات المتطورة. وآخر ما تحتاجه هذه الجهود هو فرض ضريبة قدرها 90 مليار دولار أمريكي. وفيما يتعلق بقطاع النقل الجوي، يمكن تحقيق الأهداف المرجوة من فرض ضريبة التضامن على أفضل وجه من خلال دعم الاستثمارات في إنتاج وقود الطيران المستدام، بما يتيح لشركات الطيران تحقيق الازدهار من خلال ربط الأفراد والشركات بالفرص العالمية”.
ومن جانب آخر، كشفت دراسة بحثية مستقلة، أجرتها مؤسسة سافانتا في 15 دولة حول العالم لصالح الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، عن وجود شك عميق بين السكان بشأن الضرائب المفروضة على قطاع السفر الجوي:
• يقول 73% من المشاركين في الدراسة إن الضرائب الخضراء هي مجرد تضليل حكومي
• يقول 79% منهم إن الضرائب المفروضة على قطاع الطيران كثيرة للغاية
• يقول 78% منهم إن الضرائب ليست السبيل الأمثل لاستدامة الطيران
• يشك 74% منهم في اتباع الحكومات سياسات حكيمة في انفاق أموال الضرائب
• يرى 88% منهم ضرورة استثمار الضرائب المُحصلة من قطاع السفر الجوي لتحسين تجربة المسافرين
• يرى 9% منهم فقط في الضرائب وسيلة للتعويض عن انبعاثات الكربون المرتبطة بالطيران، في حين تحظى خيارات أخرى بدعم أكبر من المشاركين في الدراسة، مثل شراء وقود الطيران المستدام (25%)، والاستثمار في تقنيات الحد من انبعاثات الكربون (23%)، وأبحاث الحد من الانبعاثات (18%)، وبرامج تعويض الانبعاثات (13%).