رئيس أرامكو السعودية يؤكد على أهمية التعاون الدولي لضمان أمن الطاقة بأسعار معقولة في ظل التحديات العالمية

الاقتصاد.الرياض
تم النشر في الأثنين 2025-06-16ألقى رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين بن حسن الناصر، اليوم، كلمة عبر الفيديو في مؤتمر آسيا للطاقة 2025، الذي يجمع خبراء الطاقة والصناعة وصانعي السياسات للإسهام في رسم ملامح مستقبل الطاقة في القارة، وتركزت نقاشاته هذا العام حول “تحقيق التحوّل في قطاع الطاقة في آسيا”.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة المهندس أمين الناصر:
“كنت أتمنى أن أكون في كوالالمبور لأهنئ شخصيًا تان سري تينجكو محمد توفيق على نجاحه في تنظيم أعمال مؤتمر آسيا للطاقة، خاصة في مثل هذا الوقت الصعب الذي تشهده الساحة العالمية. ومنذ أن التقينا آخر مرة قبل عامين، فقد شهد العالم الكثير من الدروس المستفادة بخصوص التحديات المرتبطة بالتحوّل في مجال الطاقة.
لقد كشف الواقع أن خطة التحوّل قد تم المبالغة في تقديرها، ولم يتم تنفيذها بالشكل المطلوب في أجزاء كبيرة من العالم، وخاصة في آسيا. وظن البعض بأن التحول سيكون سريعًا ومباشرًا، وسينتهي بزوال مصادر الطاقة التقليدية. ومع ذلك، لا يزال الطلب على النفط يتجاوز 100 مليون برميل يوميًا، دون أي مؤشر على انهياره.
لقد أظهرت التحديات التي فرضها الواقع عيوبًا تقنية واقتصادية وسياسية واجتماعية عميقة في السردية الشائعة المتعلقة بتحوّل الطاقة. فمن ناحية، يُعدّ هذا التحوّل مكلفًا للغاية. وقد تصل تكلفة الوصول إلى الحياد الصفري للانبعاثات إلى 200 تريليون دولار. ومن ناحية أخرى، يثبت الواقع أن مصادر الطاقة المتجددة، على الرغم من أهميتها ونموها، لم تصل للدرجة الكافية من الاعتمادية لتحمل الأعباء والمخاطر القائمة.
ونتيجةً لذلك، أصبح تحقيق أمن الطاقة وإتاحتها بأسعار معقولة مطلبين أساسيين إلى جانب الاستدامة، كأهداف محورية لعملية التحوّل. كما بدأت الواقعية والبراغماتية تأخذ مكانها بديلًا عن المثالية. وهذا أمر جيد، خاصة بالنسبة لآسيا.
وباعتبارها محرك النمو العالمي وأكبر منطقة مستهلكة للطاقة في العالم، تمثّل آسيا ما يقرب من نصف الطلب العالمي. وبدون الاهتمام باحتياجات آسيا ومواردها، لن يكون للتحوّل تأثير حقيقي، مع إدراكنا لحاجة القارة الآسيوية لمصادر الطاقة المتنوعة التي لا يمكن لأي مصدر منفرد أن يلبيها.
ومع ذلك، فإن طاقة الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية لا تلبي احتياجات الطلب اليوم، فضلاً عن احتياجات الطلب المستقبلي. لهذا السبب، يظل النفط الخام والغاز جزءًا أساسيًا من مزيج الطاقة اليوم، وسيكونان محورين في تلبية الطلب المتزايد وحماية أمن الطاقة المستقبلي. ولكي أكون واضحًا تمامًا فإن مواصلة الجهود لخفض الانبعاثات من هذه المصادر الحيوية سيكون أيضًا أمرًا مهمًا للغاية.
والهدف على المدى الطويل ليس التخلي عن الطاقة التقليدية، وإنما تحسينها، مع التوسع بوتيرة واقعية في حلول جديدة. ويجب على كل دولة أن تمتلك إستراتيجية مرنة ومصممة خصيصًا لها في مجال الطاقة حتى تتمكن من تنفيذها، بناءً على وضعها الحالي… وما تستطيع تحمله. مع تقبّل فكرة أن التحوّل لن يكون سلسًا، خاصةً في عالمٍ تسوده حالة من التقلبات وعدم اليقين باستمرار وبشكل متزايد.
ولأن وقائع التاريخ أثبتت لنا أنه عند نشوب الصراعات، فلا يُمكن التقليل من أهمية النفط الخام والغاز. ونحن نشهد ذلك في الوقت الراهن، في ظل استمرار التهديدات لأمن الطاقة وتسببها في قلق على الصعيد العالمي. ويخبرنا التاريخ أيضًا أن مصادر الطاقة الجديدة لا تحل محل التقليدية، بل تُضيف إلى مزيج الطاقة.
ولهذا السبب، فإن حقائق التاريخ تخبرنا بأن علينا أن نتعاون أكثر من أي وقت مضى؛ الحكومات وقطاع الطاقة، والمبتكرين، كلٌّ حسب دوره في مجال مصادر الطاقة الجديدة والتقليدية. لذا، ينبغي علينا التأكيد على أن يسمع العالم صوت تحوّل الطاقة الملائم لآسيا بما يتناسب مع حجمها الاقتصادي. فلنعمل معًا على دعم مستقبل طاقةٍ أكثر أمنًا واستدامة وبأسعار معقولة. ولننتقل الآن إلى خطة تحوّل طموحة قابلة للتنفيذ ولكن تستند إلى الواقع. وعندما نضع الازدهار والتقدم نُصب أعيننا، فإن طموح الجميع هو عنان السماء.