مقالات

الأسواق الأمريكية: استقرار الدولار، تصحيح الذهب، وتقلب النفط في انتظار قرارات الفيدرالي

تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.4% يوم الاثنين، ليهبط إلى 6846.51 دولار. وارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية خلال التداولات الآسيوية اليوم بعد موافقة الرئيس دونالد ترامب على صفقة تسمح لشركة إنفيديا باستئناف شحنات شرائح الذكاء الاصطناعي H200 إلى الصين.

واصلت القوى الشرائية مواجهة مقاومة مع اختبار مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لمستوياته القياسية، إذ بدت حركة الأسواق متقلبة عند مستويات التقييم الحالية وقبيل اجتماع لجنة السوق المفتوحة في مجلس الاحتياطي الفدرالي. ويرى المستثمرون أن خفض الفائدة يوم الأربعاء شبه مؤكد، مع تسعير احتمال بنسبة 89% لخفض بمقدار ربع نقطة مئوية—وهو احتمال دعم أسهم قطاع التكنولوجيا والأصول عالية المخاطر في الآونة الأخيرة.

ساهمت أسهم شركات الشرائح مثل إنفيديا وبرودكوم ومايكرون في رفع أسهم التكنولوجيا، وهو القطاع الوحيد ضمن مؤشر ستاندرد آند بورز الذي سجل مكاسب أمس. واحتفظ ناسداك بقوة نسبية بتراجع محدود قدره 0.1% مع ترقب الأسواق لنتائج شركات التكنولوجيا الكبرى هذا الأسبوع.

تبدو الأسواق في حالة توازن، ولا يُتوقع أن يشهد أي من الطرفين (الشراء أو البيع) اختراقات قوية وفقاً لتمركزات الخيارات ومستويات التقلب. أصبح انكشاف “غاما” لدى المتعاملين أكثر حياداً، وأصبحت التذبذبات اللحظية متوازنة ضمن نطاق 6900–7000، رغم أن هذا الهدوء يعتمد على خيارات قصيرة الأجل قبيل اجتماع ديسمبر للفدرالي. كما هدأت التقلبات، مع تراجع المخاوف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وزيادة الطلب على التحوط من الهبوط، فيما تبقى المعنويات متفائلة نسبياً مع إمكانية تحقيق مكاسب معتدلة في الأسهم.

وتعمل السيولة المحسّنة، وعمليات الشراء المنهجية، والقوة الموسمية كرياح داعمة حتى نهاية العام. من جهة أخرى، جمعت الحكومة الأمريكية 336 مليار دولار في نوفمبر، بزيادة 11% عن الشهر نفسه من العام الماضي مع استمرار ارتفاع إيرادات الرسوم الجمركية، وفقاً لمكتب الميزانية في الكونغرس. تراجعت أسعار السندات، مما أدى إلى ارتفاع العائدات؛ إذ ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.18% من 4.13% يوم الجمعة. جاءت توقعات التضخم لدى المستهلكين مستقرة، بينما يتجه تركيز الأسواق اليوم إلى تقرير الوظائف لشهري سبتمبر وأكتوبر مع بقاء سوق العمل الأمريكية غامضة.

يتداول مؤشر ستاندرد آند بورز 500 فوق متوسطاته المتحركة القصيرة، مع بقاء الدعم الفوري عند متوسط 9 أيام (SMA) عند 6832.59 دولار بينما يستعد المستثمرون لاختبار مقاومة جديدة مع التحلي بالحذر. ويقع مستوى المقاومة الرئيسي عند أعلى مستوى سجله المؤشر الأسبوع الماضي عند 6895.78 دولار. أما مستوى الدعم التالي فيقع عند أدنى مستوى سجله المؤشر أمس عند 6827.18 دولار.

مؤشر الدولار الأمريكي :

قبل اجتماع لجنة السوق المفتوحة، بقي مؤشر الدولار مستقراً بتراجع طفيف قدره 0.08% حول 99.02، محافظاً على بقائه فوق مستوى 99 بينما تنتظر الأسواق بيان السياسة النقدية والمؤتمر الصحفي لجيروم باول. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يتجه الفدرالي نحو التيسير. وتسعّر عقود الفدرالي الآجلة احتمالاً ضمنياً بنسبة 89.4% لخفض الفائدة بـ 25 نقطة أساس في الاجتماع الممتد ليومين بداية من اليوم.

لا يزال المتداولون يركزون على التوجيهات الخاصة بعام 2026، حيث تميل المخاطر نحو التشديد. وفي الوقت نفسه، يعيد المستثمرون تقييم توقعات السياسة الأمريكية لعام 2026، وسط مخاوف من أن كيفن هاسيت—المرشح الأبرز لخلافة جيروم باول عند انتهاء ولايته في مايو—قد لا يكون متساهلاً كما كان يُعتقد سابقاً. وتشمل البيانات الأمريكية الرئيسية هذا الأسبوع: تقرير JOLTs لشهر أكتوبر (المؤجل)، وطلبات إعانات البطالة الأسبوعية، وأرقام التجارة.

ارتفع المؤشر فوق مستوى 99 أمس، وما يزال يتماسك فوقه قبل قرار الفائدة غداً. تقع المقاومة الفورية عند متوسط 50 يوماً (SMA) قرب 99.12، تليها مقاومة عند أعلى مستوى سجله المؤشر أمس عند 99.23. أما في الاتجاه الهابط، فإن كسر مستوى 99 يضع الدعم قرب 98.90، الذي شكّل قاعدة دعم سابقاً. ويتداول زوج اليورو/الدولار بشكل مستقر حول 1.164 قرب متوسطه المتحرك لـ 100 يوم. ويقع مستوى المقاومة الفوري عند أعلى مستوى سجله الزوج الأسبوع الماضي عند 1.168، بينما يقع الدعم عند 1.160. وتُظهر أحجام خيارات اليورو/الدولار منحنى ابتسامة واضحاً، مع علاوات أعلى لعقود الشراء مقارنة بالبيع، ما يعكس تمركزاً نحو مخاطر الصعود وانحيازاً صعودياً لليورو.

الذهب والفضة :

تراجع الذهب بنسبة 0.50% إلى 4175 دولاراً، وتراجعت الفضة بنسبة 0.60% إلى 57.80 دولار.

وبحسب أداة مراقبة الفيدرالي، تسعّر الأسواق احتمالاً بنسبة 87% لخفض الفائدة في ديسمبر، وهو ما يعزز جاذبية الذهب كأصل لا يدر عائداً في بيئة معدلات منخفضة. إضافة إلى ذلك، واصلت الصين تعزيز احتياطاتها من الذهب للشهر الثالث عشر على التوالي، لترتفع إلى نحو 74.12 مليون أونصة، في انعكاس لتحول استراتيجي في مكونات احتياطاتها مقابل الدولار، مما يولد طلباً هيكلياً في السوق. وفي الوقت نفسه، يشير النشاط القياسي لتداول الذهب في تايلاند وسط ضعف الأسهم وانخفاض الفائدة إلى استمرار مكانة الذهب كملاذ آمن.

إلا أن تراجع عدد خفض الفائدة المتوقع العام المقبل من ثلاثة إلى خفضين يعدّ إشارة سلبية للمعادن الثمينة. ويستمر الاتجاه الصعودي للذهب على المدى المتوسط إلى الطويل بدعم من الطلب الصادر عن البنوك المركزية؛ غير أن المدى القصير يبقى متقلباً ومتعلقاً بإشارات سياسة الفدرالي ومؤشرات سوق العمل مثل مؤشر الوظائف ومستويات السيولة العالمية.

وعلى الرسم البياني لأربع ساعات، يمر الذهب بمرحلة تصحيح قصيرة الأجل تتّسم بقمم أدنى وقيعان أدنى، ما يدل على فقدان الزخم في المسار الصعودي العام. ويقع الدعم الفوري عند 4151 دولاراً يليه دعم ثانٍ قرب 4113 دولاراً. أما المقاومة، فإن اختراق 4245 دولاراً بنجاح قد يطلق موجة صعود نحو 4272 دولاراً.

الفضة حالياً ضمن نطاق ضيق؛ واختراق المقاومة الفورية قرب 58.73 قد يفتح المجال للارتفاع إلى 59.5–60، بينما كسر 57.50 سيقود إلى اختبار منطقة الطلب السابقة قرب 56.89.

النفط الخام

تراجع النفط بنحو 2% في جلسة أمس، وهو أكبر انخفاض له في نحو ثلاثة أسابيع، ليمحو بذلك جزءاً من المكاسب المسجلة في الجلسات الثلاث السابقة. وأغلق الخام دون متوسط 50 يوماً مع هيمنة مخاوف تخمة المعروض على أي دعم ناتج عن التطورات الجيوسياسية، مثل الهجوم الأخير لأوكرانيا على البنية التحتية الروسية للطاقة. كما يُرجّح أن تخفّض الهند مشترياتها من النفط المنقول بحراً من موسكو، ومن المتوقع أن يُبحث هذا الأمر مطولاً في مفاوضات التجارة مع الولايات المتحدة هذا الأسبوع.

يتراجع خام غرب تكساس الوسيط (WTI) بنسبة 0.06% اليوم، مستقراً قرب 58.76 دولار بعد هبوط الأمس. ويقع الدعم الفوري عند 58.35 دولار يليه دعم عند 57.11 دولار، بينما قد يواجه مقاومة عند متوسط 50 يوماً عند 59.42 دولار. واستقر خام برنت قرب 62.47 دولار، مع دعم فوري عند 62 دولاراً والدعم التالي عند 61.48 دولار، فيما قد يواجه مقاومة عند متوسط 50 يوماً عند 63.017 تليها 63.80 دولار.

ومن المتوقع أن تصدر جهات التوقع مثل وكالة معلومات الطاقة (EIA) والوكالة الدولية للطاقة (IEA) وأوبك تقاريرها الشهرية هذا الأسبوع، ومن المنتظر أن تشير في مجملها إلى اتساع فائض المعروض في عام 2026، مع احتمال تجاوز الإنتاج للطلب بنحو 2 مليون برميل يومياً. وعلى هذا الأساس، يُتوقع أن يتحرك النفط في نطاق عرضي عند مستوياته الحالية حتى ظهور محفزات جديدة، خصوصاً مع استمرار مفاوضات السلام بشأن الصراع الروسي–الأوكراني.

الكاتب.. فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمار في «سنشري فاينانشال»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock