اقتصاد العالم
“الآياتا: الشرق الأوسط يتصدر ربحية الطيران العالمي في 2026 بأعلى هامش صافي وأعلى عائد لكل مسافر”

أصدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) توقعاته الخاصة بالشرق الأوسط ضمن تقريره العالمي لعام 2026، والذي أكد أن شركات الطيران في المنطقة ستتصدر العالم من حيث الربحية خلال العام المقبل.
ومن المتوقع أن تسجل شركات الطيران في الشرق الأوسط أعلى هامش ربح صافي عالمياً بنسبة 9.3%، بالإضافة إلى تحقيق أعلى ربح لكل مسافر بواقع 28.6 دولار أمريكي، متجاوزةً بفارق كبير أرقام المتوسط العالمي البالغة 3.9% و7.9 دولار أمريكي على التوالي.
وتعليقاً على هذا الموضوع قال كامل العوضي، نائب الرئيس الإقليمي للاتحاد الدولي للنقل الجوي في أفريقيا والشرق الأوسط: “نتوقع أن تتصدر منطقة الشرق الأوسط قائمة أكثر المناطق ربحية في عام 2026، سواء من حيث هامش الربح أو الربح لكل مسافر، وهو ما يعكس ثمار الاستثمارات الاستراتيجية، والأطر التنظيمية الداعمة، ودور المنطقة بصفتها مركزاً عالمياً للربط الجوي. ولكنّ هذا النجاح ليس شاملاً للجميع، إذ ما يزال العديد من شركات الطيران تواجه ضغوطاً مالية حادة نتيجة الاضطرابات الجيوسياسية، واحتجاز الأموال، وتباين مستويات تطوير البنية التحتية. ويجب أن يكون ردم هذه الفجوة على رأس الأولويات الإقليمية، فالانسجام التنظيمي وتعزيز التعاون كفيلان بتمكين جميع الأسواق من المشاركة في مسار النمو والاستفادة منه”.
أداء مالي وتشغيلي قوي
تشير التوقعات إلى أن شركات الطيران في الشرق الأوسط ستحقق صافي أرباح قدره 6.9 مليارات دولار أمريكي خلال عام 2026، مدعومةً بأسس متينة تشمل الطلب القوي على الرحلات الطويلة، وتوسع قدرات المطارات المحورية، واستمرار الاستثمار في البنية التحتية. وعلى الصعيد العالمي، من المتوقع أن تصل أرباح القطاع إلى 41 مليار دولار أمريكي، فيما سيبلغ عدد المسافرين 5.2 مليار مسافر. كما يُتوقع أن
ينمو الطلب العالمي على الشحن الجوي بنسبة 2.6%، بينما تبقى أحجام الشحن في الشرق الأوسط مستقرة.
أما سوق السفر الجوي في المنطقة، فمن المتوقع أن يصل إلى 240مليون مسافر في عام 2026، مدعوماً بمعدل نمو يبلغ 6.1%، ومتجاوزاً المتوسط العالمي البالغ 4.9%.
تحديات مستمرة تُعيق النمو الإقليمي
ورغم الأداء الإيجابي، إلا أن المنطقة لاتزال المنطقة تواجه عدة تحديات هيكلية:
-
· احتجاز الأموال: تحتجز منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 43% (515 مليون دولار أمريكي) من أصل 1.2 مليار دولار أمريكي من أموال شركات الطيران المحتجزة عالمياً حتى أكتوبر 2025. وأصبحت الجزائر لأول مرة صاحبة الحصة الأكبر نتيجة اشتراط موافقات جديدة أدت إلى حالات تأخير إدارية. كما تبقى الأموال المحتجزة في لبنان عند مستوياتها السابقة، وهي أرصدة متراكمة منذ أعوام 2019–2021.
-
· الاضطرابات الجيوسياسية: تستمر النزاعات في اليمن وسورية والعراق ولبنان في تقييد المجال الجوي وتعطيل العمليات. ولذلك تضطر شركات الطيران إلى استخدام مسارات أطول حول الأجواء المغلقة، مما يزيد استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية وأوقات الرحلات. كما تزيد شدة التحديات التقنية إثر العقوبات وتعطّل أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية بفعل التشويش والمحاكاة.
-
· الفجوات الاقتصادية والتنموية: حققت دول مجلس التعاون الخليجي، بما فيها دولة الإمارات وقطر والمملكة العربية السعودية، قفزات كبيرة في بناء أنظمة طيران متقدمة عالمياً، بينما ما تزال دول منخفضة الدخل مثل اليمن ولبنان وسورية تعاني من قِدم البنى التحتية، ومحدودية الموارد لدى هيئات الطيران، وضعف القدرة على جذب الاستثمارات.
تعزيز التنسيق الإقليمي
شدد الاتحاد الدولي للنقل الجوي على أهمية ترسيخ التعاون بين دول المنطقة لإطلاق العنان لإمكانات قطاع الطيران، محدداً أولوياتٍ أساسية تشمل:
-
· التقدم نحو سوق نقل جوية أكثر تكاملاً لتعزيز الربط وتقليل الانقسام.
-
· ضمان حماية عادلة ومتوازنة للمستهلك من خلال مواءمة التشريعات الوطنية مع مبادئ منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) والممارسات العالمية.
-
· دعم الدول الخارجة من العقوبات لتمكينها من إعادة الاندماج بأمان في منظومة الطيران العالمي، بما في ذلك الوصول إلى الطائرات والتمويل والامتثال للمعايير الدولية.
واختتم العوضي بالقول: “يكتسب تعزيز التنسيق الإقليمي أهميةً كبيرةً لتمكين استفادة منطقة الشرق الأوسط من كامل إمكاناتها في قطاع الطيران، إذ يسهم تكامل السوق، والقوانين العادلة لحماية المستهلك، واسترجاع الأموال المحتجزة، في تعزيز الاتصال والكفاءة على امتداد المنطقة. أما الدول الخارجة من العقوبات، فتحتاج إلى مسارات واضحة لإعادة الاندماج الآمن في منظومة الطيران العالمية. ومن خلال العمل المشترك لتحقيق هذه الأولويات، يمكن للمنطقة ضمان توزيع أكثر عدلاً واستدامة لفوائد قطاع الطيران”.



