استقرار أسعار النفط رغم تسريع “أوبك+” وتيرة زيادة الإنتاج

أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك
تم النشر في الأربعاء 2025-07-09سجلت أسعار النفط الخام استجابة فاترة عقب إعلان نهاية الأسبوع بأن ثمانية أعضاء في تحالف “أوبك+” سيرفعون إنتاجهم بدءاً من أغسطس بمستويات تفوق التوقعات. وذكرت المجموعة أن القرار يستند إلى “توقعات اقتصادية عالمية مستقرة وأُسس سوقية سليمة”، حيث تعتزم رفع الإنتاج بمقدار 548 ألف برميل يومياً، ما يُعدّ تسريعاً في عملية التراجع عن التخفيضات البالغة 2.2 مليون برميل يومياً التي تم فرضها عام 2023. ومن المتوقع تنفيذ زيادة مماثلة في سبتمبر، لتُستكمل بذلك عملية الإلغاء الكامل للتخفيضات قبل عام من الموعد المحدد سابقاً.
ولا تشهد تداولات عقود خام برنت حالياً أي تغيّر يُذكر بعد تراجع مبكر إلى 67.20 دولارا، وبعد موجة الارتفاع والانخفاض الأخيرة التي سببها التصعيد في الشرق الأوسط، استقرت الأسعار ضمن نطاق ضيق نسبياً، مع مقاومة تظهر لخام برنت قرب مستوى 69 دولار، ولخام غرب تكساس الوسيط قرب 67.5 دولار.
وفي سياق منفصل، أعلنت شركة أرامكو السعودية عن زيادات في الأسعار لجميع المناطق لعمليات التسليم في أغسطس، ما يعكس استمرار الطلب القوي على إنتاجها. وبحلول الشهر المقبل، ستصل أرامكو إلى إنتاج يبلغ 9.76 مليون برميل يومياً، بزيادة 800 ألف برميل منذ بداية العام، رغم أنه لا يزال دون ذروة 2022 البالغة 11.06 مليون برميل. وتشير هذه الزيادات، بالتزامن مع ذروة الطلب الصيفي، إلى أن الأسواق الفعلية لا تزال تعاني من شح، ويبدو أن البراميل الإضافية قابلة للامتصاص – على الأقل في الوقت الحالي.
تحمل خطوة “أوبك+” لتسريع الإنتاج رسالة واضحة إلى منتجي النفط الصخري الأمريكي وغيرهم من المنتجين خارج المنظمة: المجموعة مستعدة لتحمّل أسعار أقل في المدى القصير من أجل حماية حصتها السوقية وتعزيزها على المدى الطويل. وبينما قد توفر هذه الخطوة متنفساً مؤقتاً للبيت الأبيض عبر خفض أسعار الوقود، إلا أنها تمثل تحدياً كبيراً للمنتجين الأمريكيين الذين يواجهون بالفعل ضغوطاً من ارتفاع التكاليف.
وقد سلط “مسح الطاقة” الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي في دالاس الضوء على هذا الهشاشة. فعند سؤال 85 شركة أمريكية للتنقيب والإنتاج عن كيفية استجابتها لسعر خام غرب تكساس عند 60 دولار خلال الـ12 شهراً المقبلة، أفاد 60% منهم بأنهم سيقلّصون الإنتاج قليلاً، بينما أشار 10% إلى أنهم سيُجرون خفضاً كبيراً. أما عند سعر 50 دولار، فقد أبدى نحو 90% نيتهم تقليص الإنتاج – ما يشير إلى وجود أرضية سعرية تحت هذا المستوى قد تؤدي إلى تراجع في المعروض الأمريكي، ومن ثم إلى إعادة توازن السوق لاحقاً.
على المدى القصير، تبدو مخاطر العبوط على أسعار النفط تحت السيطرة.
فالتخفيضات التعويضية عن فائض الإنتاج السابق تساهم في امتصاص الإمدادات الجديدة، في حين أن استمرار التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط لا يزال يردع المضاربين عن فتح مراكز بيع هجومية. من جهة أخرى، تدعم البيانات الاقتصادية الأمريكية الإيجابية مؤخراً آفاق الطلب المستقر. ومع ذلك، قد تظهر توترات تجارية وضعف موسمي في الطلب مع دخول فصل الخريف كعوائق محتملة خلال الأشهر المقبلة.
تعاني الحسابات المُدارة (مثل صناديق التحوط) مؤخراً من صعوبة في الحفاظ على مراكزها، سواء الطويلة أو القصيرة. ففي ظل التقلبات الحادة التي شهدتها أسعار النفط مؤخراً – نتيجة ارتفاع حاد بفعل علاوة المخاطر الجيوسياسية جراء الحرب بين إيران وإسرائيل، ثم انهيار سريع بعد وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية – عكست البيانات الأسبوعية من بورصة ICE Europe هذا التذبذب في مراكز خام برنت. فقد ارتفعت العقود المفتوحة بمقدار 175,600 عقد خلال ستة أسابيع حتى 17 يونيو، ثم تراجعت بمقدار 106,500 عقد خلال أسبوعين حتى الثلاثاء 1 يوليو، مع تراجع التوترات وتركّز اهتمام المتداولين على احتمالية زيادة إضافية كبيرة في إنتاج “أوبك+“
ومع اقتراب موسم الإجازات الصيفية، يُتوقع أن تشهد أنشطة التداول ركوداً، مع تقليص حجم المراكز المفتوحة إلى الحد الأدنى.