اتجاهات ملحوظة نحو العيش في المجمعات السكنية والمساحات المخصصة للعمل المشترك

كشف تقرير ’ريادة الفكر‘ الذي صدر مؤخراً عن ’سي بي آر إي‘، الشركة العالمية الرائدة في الاستشارات العقارية، عن ظهور توجهات رئيسية ومبتكرة في قطاع العقارات، والتي تتضمن المكاتب المرنة والعيش في المجمعات السكنية المشتركة. وأشار التقرير إلى أن القطاع العقاري المعزز بالتكنولوجيا والمدعوم بالسعي وراء الرفاهية، يشهد طلباً متزايداً على الأساليب المبتكرة للعمل والمعيشة، والمصممة حول التواصل والترابط والمرونة والتجارب الفريدة من نوعها.

العمل المشترك

يعتبر سوق المملكة العربية السعودية ديناميكي، ولذلك ينبغي على أصحاب الشركات السعي نحو التطور المستمر للاحتفاظ بموظفيهم من ذوي الكفاءة، وهو ما يتحقق بتوفير المكان الأمثل للعمل. ونتيجة لذلك، ازداد توجّه أصحاب الشركات نحو البحث عن أساليب جديدة لتعزيز الإنتاجية، مع ضمان صحة الموظفين ورفاههم. وقد أشارت المؤسسات إلى اعتبار المرونة والراحة والقيمة العوامل الرئيسية التي تدفع قراراتهم بشأن استئجار أي مساحة مكتبية معيّنة. ويكشف تقرير ’سي بي آر إي‘ أن المؤسسات تتوقع تحوّلاً على المدى القصير نحو اعتماد بيئات عمل مرنة مقسّمة بحسب الأنشطة عوضاً عن التخصيص التقليدي لمساحات العمل.

كما يسلّط التقرير الضوء على ازدياد شعبية المساحات المكتبية المرنة في دول مجلس التعاون الخليجي، وهو توجّه يعقب التطورات التي تشهدها الأسواق الرئيسية حول العالم. ويستند العمل المشترك بشكل رئيسي على أفراد جيل الألفية وخطوات التطور النوعية في التقنيات التي تتيح للموظفين إمكانية العمل عن بعد، وعبر الحدود. وكان هذا التوجّه كفيلاً في البداية باستقطاب روّاد الأعمال والعاملين المستقلين، إلا أنه ونظراً للتغيّرات التي يشهدها الاقتصاد، طال هذا التوجه مستأجري المكاتب التقليديين بشكل متزايد، والذين أصبحوا يتبعون منهجيات مختلفة عند اختيار العقارات، والانتقال إلى مساحات مكتبية أكثر مرونة.

وتشير ’سي بي آر إي‘ إلى العلاقة بين التطور التكنولوجي والرغبة بمساحات عمل أكثر مرونة. إذ يجد المالكون والشاغلون ومزودو الخدمات أنفسهم مضطرين دائماً لاستنباط حلول مبتكرة لتوفير مساحات عمل شديدة الفاعلية. وسيسهم اعتماد التقنيات الحديثة، بما في ذلك خدمات الحوسبة السحابية، في مواصلة تمكين الموظفين وأصحاب الشركات من اعتماد أساليب عمل مرنة. وتجدر الإشارة إلى أن الشركات ما زالت تؤكد على مدى أهمية الحفاظ على ثقافة عمل راسخة. وبالنتيجة، ينبغي أن تعثر المؤسسات على أساليب تكفل لها تحقيق التوازن الدقيق بين مفاهيم العمل المشترك والتعاون والترابط.

وفي تعليقها، قالت غابرييلا دي لا تور، مديرة الاستشارات الاستراتيجية لدى ’سي بي آر إي‘ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا: “بالتزامن مع التوجه المستمر المملكة العربية السعودية نحو تنويع الاقتصاد القائم على المعرفة والتركيز على ذوي الكفاءات، نلاحظ ازدياد عدد الشركات التي تتطلع لاعتماد أساليب أكثر ابتكاراً من شأنها الارتقاء بمستويات الإنتاجية وضمان سعادة الموظفين. ويعتبر العمل المشترك من التوجهات التي نتوقع تطورها المستمر بالتوازي مع التقدم التكنولوجي، مما سيؤثر على الأسلوب الذي يعتمده مزودو الخدمات وشاغلو ومالكو العقارات للتعامل مع تأجير المساحات التجارية وتشغيلها. وسيحظى كلُ من يظهر قدرةً ورغبةً قوية في التكيّف مع الديناميكيات الاقتصادية والاجتماعية المتغيّرة بمكانة أفضل لتحقيق النجاح في هذه السوق المتنامية”.

العيش في المجمعات السكنية

على الصعيد العالمي، تتواصل مسيرة التحوّل نحو مفهوم الاقتصاد التشاركي بالنمو والتوسّع إلى قطاع الإقامة، ما دفع شركات التطوير للمسارعة بالتكيّف والاستجابة لهذه التغييرات. ومن الواضح أن هناك حاجة متزايدة لتحقيق أسلوب معيشة أكثر كفاءة من حيث التكلفة، وإحساس أكبر بالعيش في مجتمع، ولا سيما بين جيل الألفية.

وبحسب تقرير ’سي بي آر إي‘، يتمثل الدافع الرئيسي الآخر لهذا التحول في التركيز المتزايد على مزايا الترفيه والرفاهية. وفضلاً عن مزايا المرونة والقيمة مقابل المال، لا بد وأن يشعر أفراد جيل الألفية بالانجذاب نحو خيارات الإقامة التي توفر تجارب تركز على الصحة والرفاهية والترفيه.ويبحث قاطنو مشاريع المجمعات السكنية عن بعض الميزات التي تشمل عقود الإيجار المرنة والمريحة، على النحو المبيّن في توفير العقود قصيرة الأجل والوحدات كاملة التجهيز، والتي تتطلب القليل من الاستثمارات والصيانة. وعلاوة على ذلك، تبقى الأسعار المناسبة عاملاً رئيسياً يضاف إلى الخصوصية، حيث تتكامل مساحات المعيشة الخاصة التي توفر أجواء ترحيبية متميزة مع المرافق المجتمعية الاستثنائية. كما تشمل مزايا المجمعات السكنية المساحات المجتمعية التي تعزز سبل التواصل وتدعيم العلاقات، فضلاً عن نمط الحياة المترابط في المجتمع.كما يكشف التقرير عن توقعات ’سي بي آر إي‘ حول تأثير شعبية مساحات العمل المشترك وأنماط العيش في المجمعات السكنية، إلى جانب الدوافع الرئيسية المؤثرة في هذه المساحات المتغيرة، على مسيرة تطور القطاعات العقارية الأخرى.